قفل الدوحة ومفتاح بيروت

TT

أعطوا فؤاد السنيورة القفل وغيروا المفتاح. يحرجونه لكي يخرج. لكن فؤاد السنيورة ليس صائب سلام الذي سارع إلى الاعتذار عندما اكتشف ان الرئيس سليمان فرنجية لن يقبل بحكومة ليس فيها نجله طوني. فكان كلما حمل لائحة إلى القصر الجمهوري ليس فيها اسم طوني وزيرا اعترض عليها رئيس الجمهورية بذرائع اخرى. وعندما أدرك صائب بك الفرق بين النوايا والكلام حمل نفسه ومشى.

الفارق اليوم ان رئيس الوزراء المكلف ورئيس الجمهورية في موقع واحد. المعارضة بصورة عامة تريد تعجيز السنيورة، ومعارضة ميشال عون تريد اضعاف الرئيس ميشال سليمان. وكلاهما من خلال الحؤول دون تشكيل الحكومة. إما بالاصرار على حقائب معينة، أو «بالفيتو» على الوزيرين اللذين اختارهما رئيس الجمهورية، وخصوصاً وزير الدفاع الياس المر. الرئيس يصرّ على المر لأنه عرفه عن قرب عندما كان قائداً للجيش. وميشال عون لا يريده لأن والده، ميشال المر، خرج من التحالف الانتخابي والسياسي معه.

يبدو هذا الكلام صغيرا أمام حجم الأزمة التي يمرُّ بها لبنان. لكن هذا هو الفرق بين لبنان وسياسييه. بلد فريد وسياسيون عموميون. قبل «اتفاق» الدوحة سألتني إذاعة «صوت لبنان» ما إذا كانت الوساطة القطرية سوف تفضي الى حل. أجبت بلا النافية للجنس. تذكرت اللجان التي مرت على لبنان والوسطاء والمبادرات وقلت لا، لست متفائلا. صحيح ان الدوحة تمسك باطراف الحبال الاقليمية والدولية، وعلى علاقة حسنة مع اسرائيل وإيران في وقت واحد، ومع أميركا وسورية. ولكن هذا لا يكفي لبنان. وعندما يعودون غداً إلى بيروت يعود التدلل ويطغى الكذب وتفور النوايا بعد غورها في الدوحة.

روى الاخضر الابراهيمي قصة عذاباته في الحرب اللبنانية. قال انه كان يذهب المرة بعد المرة إلى الجنرال ميشال عون ولا يسمع إلا كلمة لا، فيما البلد يحترق والناس تسقط في الطرقات. واخيرا ذهب اليه وقال: «اسمع لست آتيا لأسمع رأيك. انا هنا لأبلغك الموقف العربي. لم يعد لدينا وقت للنقاش».

فرحنا كثيراً عندما رأينا امير قطر ورئيس وزرائه يشرفان على انتخابات الرئاسة في البرلمان اللبناني. لكن في داخلي كنت أعرف أن ثلاثة أيام في الدوحة لا تكفي لمعرفة سياسيي لبنان، أو حقائبه، ولا مدى اهتمامهم بمصير بلدهم.