الجيش اللبناني.. وسرعة البيتزا!

TT

على قناعة بأن من يطلب بيتزا في بيروت ستصله أسرع مما لو أنه طلب مساعدة الجيش اللبناني للتدخل في فض نزاع مسلح. وإلا كيف نفسر تأخر الجيش في الانتشار السريع في مناطق الاشتباكات في طرابلس كبرى مدن شمال لبنان!

الغريب أن الجيش لم يتدخل إلا بعد عصر أمس في الوقت الذي تجددت فيه الاشتباكات فجر يوم الأحد بين منطقة جبل محسن العلوية ومنطقة باب التبانة السنية، مواجهات استخدمت فيها نيران المدافع الرشاشة وقنابل وقذائف المورتر.

تأخر الجيش مثار استغراب خصوصا أن ممثلين للأطراف المتقاتلة كانوا قد وقعوا يوم الأحد وثيقة شرف في مركز مخابرات الجيش تتضمن «سحب المسلحين ورفع الغطاء عن كل مخل بالأمن ودعوة الجيش وقوى الأمن إلى ممارسة دورهما في حماية المواطنين وممتلكاتهم ومصادرة مستودعات السلاح حيثما وجدت بدون اعتبار للسقف السياسي الذي يغطيها»، بحسب الوثيقة.

كما صدر بيان في اجتماع تم بمنزل مفتي طرابلس السني مالك الشعار أيد ما ورد في وثيقة الشرف وطالب القوى الأمنية بالتدخل «ولو أدى ذلك للرد على مصادر النيران». بعد كل ذلك ما هي مبررات عدم تدخل الجيش؟

التساؤلات حول الجيش اللبناني مشروعة، خصوصا إذا تذكرنا جملة ملاحظات سجلت على أدائه يوم انقلاب السابع من أيار في بيروت الذي قام به حزب الله الإيراني. يومها انقسم اللبنانيون حول أداء جيشهم، وتردده في حماية السلم الأهلي وردع مستخدمي السلاح، انقسام على أثره لوح ضباط سنة في الجيش اللبناني بالاستقالة.

يومها طرحت تساؤلات جادة حول انسحاب الجيش اللبناني، مثلا، من «ثكنة فتح الله» التي أعاد حزب الله احتلالها يوم الانقلاب، ورفعت عليها لافتة تقول «بيروت خط أخضر»، كما ثارت تساؤلات حين أحرق حزب حسن نصر الله مؤسسات إعلامية على مرأى من الجيش.

اليوم تعود التساؤلات مرة أخرى حول أداء الجيش اللبناني، فما معنى أن يعلن الجيش أنه سينتشر بعد العصر والمعارك مندلعة من اليوم الذي قبله، وهناك قتلى وجرحى. هل الهدف هو اظهار الاشتباكات على أنها بسبب عدم تشكيل الحكومة، وبالتالي الضغط من أجل تشكيلها وفقا لرغبات المعارضة وحزب الله؟ إذا كان ذلك هو المقصود فهذا يعني خدمة لانقلاب بيروت حيث تكافأ المعارضة على استخدامها السلاح ضد اللبنانيين.

هذه الملاحظات ليست تشكيكا بالجيش اللبناني، بقدر ما هي أسئلة مستحقة، خصوصا بعد تصريحات مسؤول حزب الله نواف الموسوي التي أعلن فيها أن الحزب لن يقبل بقيادة أمنية أو عسكرية في لبنان لا يطمئن لها حزب الله الإيراني.

وهنا لا نملك إلا التساؤل حول فائدة جيش لا يحمي في السلم والحرب، وما فائدة جيش يلزم الحياد رغم استخدام السلاح بالشوارع ضد أبناء الوطن الواحد.

إن أخطر ما قد يهدد الجيش اللبناني ليس سلاح حزب الله، بل شبهة التورط في لعب دور سياسي لطرف ضد آخر!

[email protected]