هي رغبة المريض وليس الطبيب (2 ـ 4)

TT

في مثل هذه الأيام من سنة 1952 انتقلنا من العمل في جريدة «الأهرام» إلى العمل في جريدة «الأخبار» واستخدم الأخوان مصطفى أمين وعلي أمين كل ما لديهما من حيل وفنون في اجتذاب القراء، كأن يدفعا الشيء الفلاني لمن يجد ورقة بعشرة قروش رقم كذا..

أو من يكتب شكوى إلى الأخبار ويكتب عن شيء هام ينقصه: بسكلت.. راديو.. ماكينة خياطة.. سخان.. وكانت الخطابات تجيء بالألوف ثم بمئات الألوف وأطلقنا على هذه الحيل اسم «ليلة القدر» أي قارئ سوف يحصل على ما يتمناه وكانت الأخبار تجري المسابقات والقرعة. ويكون من نصيب القارئ ما يتمناه ـ ولا تزال صحيفة الأخبار تفعل ذلك..

ومن ضمن الحيل أننا حاولنا أن ننافس الأهرام في استدراج القراء إلى أن ينشروا نعي موتاهم عندنا ـ ومجاناً وكنا نطلب إلى مندوبينا في كل العواصم المصرية أن ينشروا أخبار الوفيات. وكنا ندفع للمندوبين فلوساً على هذه الأخبار. وكنا ننقل أخبار الوفيات من جريدة الأهرام ومجاناً ومع ذلك فكان الناس ينشرون أخبار الوفيات في الأهرام بالفلوس! وعندنا مجاناً ومع ذلك لم نستطع أن نتفوق على الأهرام وكنا ننفرد بنشر أخبار العرايس والأفراح والليالي الملاح والمواليد..

ومع ذلك كان الناس يقولون ولا يزالون إن من لم يمت في الأهرام فلم يمت ومن لم يولد في الأخبار فهو لم يولد ولم يتزوج..

وبعض الدكاترة يعرفون أن المريض الذي لم يكتب له عدد من العقاقير فهو لم يسترح إلى روشتة الطبيب، وكان الطبيب المصري الكبير علي المفتي يكتب لنا في الروشتة خمسة أدوية كلها ذات مركب واحد وكان يقول: ليس هذا رأي الطبيب وإنما هو رأي المريض وهو يحب أن يجامله!