اجتماع

TT

البترول لايزال حديث الساسة والاقتصاديين، ولايزال يحتل الصدارة بلا منافس كالسلعة الأهم والأكثر تأثيرا في القرارات الاقتصادية بالعالم، فلا توجد لها الفعل المؤثر مثل الذهب الأسود. وها هو لقاء استثنائي للطاقة في مدينة جدة السعودية يدعى للانعقاد بشكل عاجل وطارئ لأول مرة جامعا أهم المنتجين والمستهلكين في لقاء أهم ما يمكن وصفه به هو التاريخي، وذلك لمحاولة التعامل ومواجهة التصاعد المحموم في أسعار برميل النفط، وسط عجز واضح لدى المحللين الماليين والمحللين الاقتصاديين ومن هم أبناء مهنة صناعة النفط في الوصول الى السبب الحقيقي لهذا الصعود المحموم. ولعل «تبسيط» المسألة في بعض الأوساط الغربية المتطرفة، التي ترغب في تحميل الدول المنتجة للنفط سبب هذه الأزمة ( يتزعمهم في هذا الطرح توماس فريدمان الكاتب الأمريكي المعروف وكذلك المشرف على صفحة الرأي في صحيفة الوول ستريت جورنال وغيرها )، هذا التبسيط يفتقر في طرحه الى الموضوعية المطلوبة في أمور شائكة من هذا النوع. ولكن هذه المسألة بحاجة أن يتحملها من يلعب السياسة بخبث ودهاء وغباء ، فلا يحسب توابع تصريحاته وقراراته وسياساته، ولعل المثل الأهم والأبلغ في ذلك ما يقوم بعمله كل من الرئيس الأمريكي جورج بوش وأيهود المرت بتصريحاتهما المتكررة بالشأن الايراني، وهو ما أجج الوضع في المنطقة، ولعل المراقب الموضوعي لحراك السعر منذ عام ومنذ أول تصريح من جورج بوش بحق برنامج ايران النووي المزعوم تضاعف سعر النفط في فترة قياسية، وكذلك ما يقوم بعمله أيهود المرت ومسؤولو الترسانة العسكرية بحكومته من وعيد وتهديد بحق ايران، كانت له المساهمة الواضحة والجلية في سبيل الارتفاع بالاسعار لمعدلات هائلة. السعودية تعتزم رفع معدلات انتاجها في خطوة مسؤولة، ولكن هناك جهودا عالمية مطلوبة، لعل أبرزها مراجعة الرسوم والضرائب التي تضعها الحكومات على البترول فتساهم في رفع الاسعار بشكل مجنون، وكذلك مطلوب مراجعة سياسات الحظر على بناء المزيد من المصافي البترولية والمطلوبة بشدة وخصوصا في اسواق أمريكا الشمالية. القضية لا تعني الدول المنتجة بعينها، وبالتالي الحلول لا يجب أن تأتي منها ولا تفرض عليها بطبيعة الحال حتى يكون في الحل توازن وعدالة تجعل من الجميع شركاء فيه بلا غبن ولا مظلمة. اجتماع جدة للطاقة هو حراك مسؤول ومهم لرؤية مشتركة تفهم الجميع أن الكل في نفس المركب، وأن الضرر سيصيب الجميع بدون استثناء، ولعل هذا الاحساس الجديد قد يكون بداية الخروج من اسلوب الفريقين المتضاربين، والذي ولد أزمة وإحساسا بالقلق والظلم لم يخدم أحدا. اجتماع جدة سينتهي ويبقى التحدي للدول المشاركة فيه هو البناء على ما تم حتى لا يبقى حدثا للذكرى.

[email protected]