رحمك الله يا (ماري منيب)

TT

التقيت قبل فترة بأخ موريتاني، وتواصلت الثقة بيننا، وعندما عرفت انه رجل أعزب شددت على يده بحرارة، غير أنني لاحظت أن هناك «أسفاً» عميقاً يلوح في ناظريه، وسألته عن السبب!!

تبسم ابتسامة حزينة وقال: «الواقع إنني تزوجت وما تزوجت في نفس الوقت» سألته: «كيف؟!»

قال: «تزوجت ابنة خالي، ومن العادات عندنا أن البنت قبل أن يدخل بها عريسها تظل عدة أيام تحت رحمة المزّينات اللواتي يدعكنها في الحمامات، ويصّففن شعرها، وينمقن يديها ورجليها بالحناء، وهي في نفس الوقت، بل وطوال الوقت، تظل تبكي أو تتباكى بحرقة مهما كانت تحبه وتموت فيه، وتلبس وتغطيّ وجهها آنذاك بالسواد وكأنها تودع عزيزاً وغالياً في مأتم.

وبعد طول انتظار أعطوني «الضوء الأخضر»، وزفّني أصحابي لبيت العروس، ولكنني قبل أن ادخل لا بد وان أخوض تجربة «الأكيلوع» ـ وهي تعني تجربة العراك والمواجهة ـ وقبل أن ادخل عتبة بيتهم تصدت لنا مجموعة من الشباب وصاحبات العروس وخضنا معركة حامية الوطيس، سقط فيها من سقط من شدّة الإعياء أو الجراح، وهي لا تخلو من العض وتمزيق الملابس والضرب بالعصي والأحذية كذلك، وبعد عناء شديد واستماتة، استطعت أن ادخل وانتزع عروستي من بيت أهلها، وحملتها على أكتافي وذهبت بها راكضاً إلى بيت أهلي، وبدلاً من أن أقضي الليل معها قضيته مع والدتي التي أخذت تضمّد جراحي وتدهن كدماتي وجسمي بما يخفف آلامي، وعندما أشرق نور الصباح، وإذا بنا نكتشف (يا للهول) أن العروسة قد اختطفت، وهذا أيضاً تقليد متعارف عليه، إذ أنها دبرت مؤامرة مع صاحباتها وأقربائها على ذلك، وأرسلوا لي رسالة فحواها: إذا كنت تريد أن تسترد عروستك، فعليك أن تأتي ونحن في انتظارك ونتحداك، ومعنى ذلك انه يتوجب عليّ أن أخوض غمار معركة أخرى جديدة، أو أرضي أهل العروس وصاحباتها بمطالب مادية لا اقدر عليها. وعندما فكرت وتأملت تذكرت المثل القائل: (الفكهّ من جحا غنيمه)، وكان ذلك آخر عهدي بالزواج، الذي مات في مهده».

قلت له: «لا تيأس على ما فاتك، فالبنات ولله الحمد يملأن أرجاء المعمورة، ولم ينقطع دابرهن بعد، والله لا يقطع لهن دابر، قل معي: (آمين)» فقال: آمين يا رب العالمين.

ولكي أغير الموضوع قلت له: إن تقاليد الزواج يا أخي في بعض أنحاء العالم غريبة عجيبة، ولو كان الأمر بيدي لفرضت على كل شاب وشابة إذا أرادا الزواج أن تقذف بهما طائرة من ارتفاع لا يقل عن ثلاثة آلاف متر ـ مع المأذون طبعاً ـ، وان يعقد لهما على بعضهما، وان يلبسها العريس (الدبلة)، كل هذا يجري في الفضاء وهم هابطون (بالبرشوتات).

وعلى كل رعديد ورعديدة يخافان من ذلك أن يتركا الفرصة للشجعان الأغبياء.

تمنيت ذلك خصوصاً كلما سمعت من احدهم وهو يفتخر في كل مجلس انه تزوج (إلى الآن) من ست عشرة امرأة، خصوصاً وهو يعشق ويغرم بالزواج (تحديداً) من النساء السمينات المترفات، وتخيلت منظره وهو هابط بالبراشوت مع كل عروسة جديدة وزنها لا يقل عن وزن الممثلة الراحلة (ماري منيب).

على فكرة: أنا أخاف جداً من الارتفاعات، حتى لو كان مقدارها متر واحد، فما بالكم بثلاثة آلاف متر.!

[email protected]