لماذا الإرهاب في السعودية؟

TT

الزائر للسعودية لا يلحظ أن البلد يحارب الإرهاب أمنيا بشراسة، ليس منذ 11 سبتمبر، بل منذ متوسط التسعينات، ورغم ذلك يوقع الأمن بالشبكات الإرهابية، ويكشف عن مخططات لو تمت لكانت كارثية. وهذا نجاح وتميز للأمن السعودي. لكن يبقى السؤال: لماذا السعودية؟

هناك عدة أسباب: الإرهاب لم يضرب السعودية وحدها، بل استعر في التسعينات في مصر، وترعرع في أفغانستان وبعدها السودان، وضرب السعودية بين الفينة والأخرى، قبل 11 سبتمبر. بعد أحداث سبتمبر في أميركا، وصدمة أن غالبية المنفذين سعوديون، وانطلاق الإرهاب القاعدي في السعودية عام 2003، قيل إن التنظيم عاد لبيته. لكن ثبت العكس!

تصدت الرياض بحزم أمني للإرهاب القاعدي، وفككت خلايا التنظيم ورموزه، وما زلت أذكر عندما قال الأمير نايف بن عبد العزيز «لو كانت لدينا خلايا نائمة سنوقظها، ونعتقلها»، حينها قال البعض «يبالغ»، لكن ثبت أنه كان على ثقة، وحق.

بعدها رأينا الوجه الأقبح لـ«القاعدة» على يد شباب ورموز غير سعودية، في أوروبا، والعراق، وباكستان، واليمن، والمغرب، والجزائر، ومصر، والكويت، والتحذير الآن يأتي من دول المغرب العربي. كما اتضح أن القيادات غير السعودية هي الأكثر، ليس حول العالم بل في السعودية نفسها. والبيان السعودي يتحدث عن خلايا من جنسيات مختلفة، واستغلال الحج لاستيراد قاعديين من الخارج.

هذه المقدمة الطويلة، الموجزة بالتفاصيل، لأقول إننا بتنا أمام أمرين: الأول أن «القاعدة» كانت تخطط منذ 11 سبتمبر لقذف السعودية بمواجهة أميركا والغرب، وتصويرها على أنها الدولة الراعية للإرهاب، لعزلها سياسيا، والانقضاض عليها، وحال دون ذلك وعي سياسي سعودي مبكر، ومن ثم نخبوي نوعا ما، حتى أصبح اجتماعيا.

بعد ذلك استغلت «القاعدة» الأزمات السياسية والصراعات العربية على كافة المستويات، من تحريض إعلامي وحتى غض البصر عن خلايا تتنقل بحرية على حدود بعض الدول العربية، وبجوازاتها أحيانا.

واستغلالا للمناكفات والصراعات السياسية، بات الشباب السعوديون كالجوهرة الثمينة لكل من يريد مقارعة الرياض. في نهر البارد، مثلا، وجد شاب سعودي ميتا وهو مقيد، وعلى خصره أحزمة ناسفة، والأمثلة كثيرة.

في العراق، أيضا، استغل البعث اسم «القاعدة»، وكثيرا من الشباب السعودي وغيرهم، وكان الذاهبون للعراق يصدمون عندما يجدون أنهم يتعاملون مع أناس ليست لهم علاقة بالقضايا الدينية. وفي العراق من استفاد أيضا، غير البعث، بتلطيخ سمعة الوهابية.

انحسر عدد السعوديين، لكن «القاعدة» تتمدد. وهنا نصل إلى ما ينبغي أن تدركه السعودية نفسها، وهو الشروع في المعركة الفكرية، بنفس مستوى المعركة الأمنية، ورغم كل ما تم حيال العمل الخيري، فلا بد من شفافية وصرامة عالية جدا.

ولا بد من قوانين تجرّم التحريض والتطرف، وعدم التهاون مع الفتاوى، ولا بد من نقاش على مستوى القيادات الدينية والفكرية للخروج بآفاق أوسع لتوعية المجتمع، ونبذ التعاطف مع أي فكر يدعو للعنف، والتطرف. وأخيرا.. التعليم، فلا بد من خطوات سريعة، تشمل المعلمين قبل المناهج، على رغم كل ما اتخذ من خطوات. 

[email protected]