تملُّك المنازل.. والحلم الأميركي

TT

«إن امتلاك المنزل حلم يراود كل الأميركيين»، هكذا قال الرئيس الأميركي جورج بوش عام 2002، وأعلن مشروعا بعنوان: «تحدي تملُّك المنازل»، يضم مجموعة من المبادرات كان من المفترض أن تزيد عدد أصحاب المنازل في الولايات المتحدة، لاسيما بين الأقليات.

ارتفعت معدلات تملك المنازل خلال فترة الازدهار، الذي شهده قطاع الإسكان، مما أتاح لبوش الافتخار لفترة مؤقتة، ولكن تراجعت معدلات التملك، خاصة بالنسبة للأفرو ـ أميركيين، خلال فترة الانحسار. وفي الوقت الحالي، فإن نسبة العائلات الأميركية التي تمتلك منازل ليست أكبر من النسبة التي كانت منذ ستة أعوام، مما يعني أن معدلات امتلاك المنازل عندما يترك الرئيس بوش البيت الأبيض قد تصبح أقل مما كانت عليه عندما دخل إليه.

ولكن، هناك تساؤل قلَّما يُطرح، على الأقل في واشنطن: لماذا يجب أن تكون زيادة معدلات تملُّك المنازل هدفا للسياسات؟ وكم عدد المواطنين الذين يجب أن يمتلكوا منازل؟

عندما تستمع إلى السياسيين، تظن أن كل عائلة يجب أن تمتلك منزلها الخاص، كما لو كان ذلك شرطا كي يكون المواطن أميركيا بحق. قال بوش في أحد الأيام: «إذا كنت تمتلك شيئا، فسيكون لك نصيب في مستقبل هذا البلد». ومن ثم، فإن المواطنين الذين يعيشون في منازل مستأجرة، ليس لديهم «النصيب الحيوي»، ولا يمكن أن يكونوا وطنيين بالدرجة المطلوبة، مما يعيد إلى الأذهان شرط تملُّك عقار كي يكون لك الحق في التصويت!

ويبدو أن الديمقراطيين أيضا يرون أن الأميركيين الذين لا يملكون منازل مواطنون من الدرجة الثانية. ففي بداية العام الماضي، وقت بداية مشكلة الرهن العقاري، حذر أوستن غولسبي، وهو اقتصادي في جامعة شيكاغو وأحد أبرز مستشاري باراك أوباما، من اتخاذ إجراءات صارمة ضد الإقراض بمعدلات فائدة أعلى من سعر الفائدة التفضيلي. وكتب غولسبي: «لا يوجد مكان مثل البيت، حتى لو كان عن طريق رهن ضخم».

وينعكس الاعتقاد بأنك لا شيء إذا لم تكن تمتلك منزلا في سياسة الولايات المتحدة، فخدمة العوائد الداخلية تسمح للمواطن الأميركي بخصم فائدة الرهن العقاري من دخله، الذي يجب أن يدفع ضريبته، ولكن لا تسمح له بخصم الإيجار. ويوفر نظام الضرائب الفيدرالي دعما كبيرا للإسكان المتملك. كما تقوم الشركات التي ترعاها الحكومة بتوفير تمويل بفائدة محدودة لمشتري المنازل.

وفي الواقع، فإن السياسة الأميركية مبنية على فرضية أن كل شخص يجب أن يمتلك منزلا، ولكن الحقيقة هي أن هذا الأمر يتضمن بعض المساوئ.

أولا: المخاطرة المالية، فالاستدانة من أجل شراء منزل تشبه شراء الأسهم بهامش ربحية، وإذا انخفضت القيمة السوقية للمنزل، فمن الممكن بسهولة أن يخسر المشتري حصته بالكامل.

وهذه ليست مجرد فرضية، ففي الفترة من 2005 حتى 2007، أي في ذروة ازدهار قطاع الإسكان، اشترى أكثر من 22 مليون أميركي منازل جديدة أو قائمة بالفعل. والآن وبعد الانحسار الذي يشهده القطاع، تكبد عدد كبير من مشتري المنازل خسائر كبيرة. وبهذا، فإن هناك نحو 10 ملايين عائلة تمتلك أسهم منازل سلبية، أي إن عليهم رهون عقارات تتجاوز قيمة منازلهم.

كما إن تملُّك المنازل يضع قيودا على العمال، فالبعض يتردد في الانتقال إلى الأماكن التي بها وظائف. وفي الوقت الحالي، تتركز المشكلة الاقتصادية في الولايات التي بها أكبر أزمات الإسكان، فقد شهدت ولايتا فلوريدا وكاليفورنيا زيادة حادة في معدلات البطالة مقارنة بالولايات الأخرى في مجملها. ومع ذلك، نجد أن ملاك المنازل في هذه الولايات يحجمون عن البحث عن فرص في أماكن أخرى، لأنه يكون من الصعب عليهم بيع منازلهم.

وفي النهاية، هناك تكلفة التغير. فشراء منزل يعني في المعتاد شراء منزل لعائلة واحدة في الضواحي، عادة يكون في المناطق البعيدة، حيث تكون أسعار الأراضي رخيصة، وعلى ضوء ارتفاع أسعار الغاز والمخاوف من التغير المناخي فإن هذا الخيار يتسبب في مشاكل.

على الجانب الآخر، هناك بالطبع فوائد لتملك المنازل، نعم أنا وزوجتي لدينا منزلنا الخاص. ولكن أمر تملُّك المنازل ليس لكل شخص. ففي الواقع، يمكن للفرد أن يستفيد من السياسة الأميركية التي تفضل التملُّك على الاستئجار، حيث أن هناك بالفعل عددا كبيرا للغاية من ملاك المنازل.

حسنا، أعلم كيف سيجيب البعض. ولذا أؤكد على أن مقترحي هو الحد من الاندفاع لتملك المنازل، ومحاولة الترويج للاستئجار. ولذا، فإن علينا أن نوسع من مداركنا وأن نعرف أن من يفضلون الاستئجار على الشراء مازالوا يشاطروننا الحلم الأميركي ولهم نصيب في مستقبل هذا الوطن.

* خدمة «نيويورك تايمز»