ولكنه عبقري هذا الزمان!

TT

ظهر كتاب اسمه «علاقات خطرة» أي عن العلاقة بين الفيلسوف الوجودي سارتر وزميلته الأديبة الوجودية سيمون دبوفوار. صديقان عاشقان اتفقا على العيش معاً بلا قيود.

فمن حقها أن تعرف من تشاء وهو أيضاً. وأن تحكي له بالتفصيل ماذا حدث. وكانت تفعل. ولكنها تغار عليه كثيراً. وكانت ترسل له من تحب من الفتيات ـ وكان يحب الصغيرات.

وفي الكتاب سلوكيات غريبة للفيلسوف العبقري. فقد ظهر في إحدى الحفلات الراقصة عارياً تماماً. وعاشا حياة كلها مجون. وكان لا يطيق العلاقات الطويلة مع النساء ـ أقصد مع الفتيات الصغيرات. ولما مرض أرسلت له سيمون عدداً كثيراً من تلميذاته ينمن أمام السرير وفوقه وتحته..

ويحكي الكتاب كيف أن سارتر أصيب بانهيار عصبي بسبب تعاطيه المنبهات الكيماوية العنيفة. وفجأة ظهر في حياته الأديب الجزائري المولد البير كامي وهو كان رجلا وسيما. وكان يستولى على فتيات سارتر.. وسافرت سيمون إلى أمريكا وكانت تحكي له عن عشاقها. وإنها أحبت كاتباً أمريكياً وظلت تحبه حتى الموت ـ موتها وموته أيضاً. وقد أهداها دبلة فضية لم تخلعها حتى الموت. ووجد سارتر فتاة مغربية كتب لها كل ثروته وكتبه. وهي يهودية علقت نجمة داود على صدرها. وسارتر من أصول يهودية ورغم أنه ملحد إلا أن الفكر اليهودي قد استغرقه تماماً..

وأشياء أخرى صغيرة.. أو صغائر في حياة هذا العبقري: عظيم الأفكار ورقة الأسلوب وتفوقه في كل القوالب الأدبية: المقال والرواية والمسرحية والقصة. ويدهشك كيف أنه كان يجد راحة في الكتابة على المقاهي. وقد زرت كل المقاهي التي جلس فيها.

وجلست على نفس مقاعده. شيء عجيب أن يتدفق فكراً وأدباً رقيقاً في هذه الأجواء الخانقة السجائر والنبيذ والضوضاء. أما ما يقال عن حياته الخاصة فليس إلا هوامش في سجل عظيم. وبسبب هذه العظمة فنحن نتناسى له هذه الصغائر، فليس منا من لا عيب فيه.