جوعيات صومالية

TT

متابعة لموضوع الجوع والفكاهة، لاحظ أحد الظرفاء أن الليبيين لا ينكتون. أعرب عن انطباعه هذا لأحد زملائه. فبادر هذا إلى تصحيح رأيه. قال له كلا، بل تسمعهم في هذه الأيام يروون الكثير من النكات عن حكومتهم. فقال له: «اها! لازم بدوا يجوعون».

وهذا هو السر في تردد الكثير من النكات التي تمخضت عن المجاعة في الصومال. ذكر الظرفاء فقالوا إن المعتاد لدى كل الشعوب أن يشد الناس ساعاتهم على أيديهم. ولكنهم في الصومال يشدونها حول بطونهم!

ورووا فقالوا إن أحد الجنود الأمريكان عندما نزلوا في مقديشو جاء معه بقطة. وكانت سمينة ومتينة وعتيدة، دربها صاحبها على منازلة القطط الأخرى. ما أن رأت قطة صومالية هزيلة نحيلة حتى هجمت عليها. ودخلت القطتان في مصارعة رهيبة انتهت بفوز القطة الصومالية. تعجبت القطة الأمريكية وهي تلطع جراحها الدامية مما جرى. فسألت القطة المنتصرة: كيف تنتصرين علي وأنت هذه القطة الهزيلة؟ أجابتها قائلة: «قطة؟ ومن قال لك إنني قطة؟ أنا نمرة ولكن الجوع حولني إلى بسونة!»

وهذه نكتة سبق أن رويناها عن بلد عربي آخر. ولا عجب أن تتكرر. وبوحي ذلك، ذكروا أيضا أن رئيسا أفريقيا سابقا ذهب في زيارة إلى إحدى الدول العربية، فأنزلوه في فيلا فاخرة. فقال: لا. هذا كثير. كيف أنزل هنا وشعبنا جائع؟ فنقلوه إلى فندق خمسة نجوم، فكرر الاعتراض: كيف أنزل هنا وشعبنا جائع؟ ثم أردف فقال: أعطوني أجرة الغرفة وأنا أدبر حالي.

دفعت الحروب الأهلية وما ترتب عليها من الانهيار الاقتصادي للبلاد الكثير من أبنائها لاستئناف المهنة التاريخية القديمة لسكان القرن الأفريقي والجنوب العربي، وأقصد بها طبعا القرصنة في عرض البحار. تكررت هذه العمليات في الأشهر الماضية إلى الحد الذي جعل الأمم المتحدة تخول الدول الغربية لاستعمال أساطيلها في التصدي للقراصنة ومطاردتهم داخل المياه الصومالية.

ذكر في هذا الصدد، وأنا أخرج الآن من باب الفكاهة والمزاح إلى باب الجد والتاريخ ـ كما قيل لي ـ أن رجلا خليجيا كان في زيارة للمملكة المتحدة التقى خلالها بالأمير فيليب دوق أدنبره، زوج الملكة اليزابث، وشاء هذا أن يداعب ضيفه الخليجي على طريقته ومنحاه الهازل فسلم عليه ورحب به وقال له: «كيف حال القرصان القديم؟» ويظهر أن الخليجي لم تعجبه هذه الغمزة والمداعبة الإنجليزية. فما انفض عنه إلا وأمر بتجميع عدد من التصاوير الفوتوغرافية عما جنته يد الإنجليز في المنطقة. بعث إليه بالمجموعة مع بطاقة تقول: «من القرصان القديم إلى القراصنة الجدد».