السفرة الممتعة

TT

لم يسبق لي أن ذهبت إلى دولة (جنوب أفريقيا). لهذا تحمست للذهاب إلى هناك، عندما اتصل بي صديق (من الوزن الثقيل).. والثقل الذي أعنيه ليس من ناحية الجسم، أبداً فهو ما شاء الله في رشاقة الغزال، ولكن ثقله يكمن في (جيبه) وهذا في ظني هو أروع وأغلى ثقل من الممكن أن يحصل عليه إنسان محظوظ و(أهله داعين له). اتصل بي ذلك الصديق يعرض عليّ السفر معه إلى هناك، حيث انه تلقى دعوة مفتوحة من صديق عربي يملك هناك (رانشا) كبيرا وواسعا، في مكان يقول انه جنّة الله في أرضه، وذلك الصديق العربي هو أيضاً ثقيل الجيب إلى درجة لا تصدق.

ومن هو المعتوه الذي توجه له دعوة كهذه من أصحاب الأوزان الثقيلة ولا يلبيها؟! طبعاً لبيت (أبو جد جدّها) حالاً ومن دون أي سؤال أو تردد ـ خصوصاً وإنني (محفول مكفول) من البداية إلى النهاية وما بينهما ـ

وبعثت بجواز سفري لمكتب الصديق الثقيل، وأخذت تأشيرة الدخول، وقبل سفرنا بعدة أيام حصل (لصديقنا) الذي سوف نذهب بمعيته، ظرف مالي طارئ توجب أن تتأجل الرحلة.. فقلت بيني وبين نفسي: عسى المانع يكون خيراً. وبعد ثمانية أشهر تقريباً اتصلوا بي مرة ثانية من المكتب، يطلبون مني إرسال الجواز لعمل التأشيرة، حيث ان الصديق الثقيل قرر أن نسافر إلى هناك، فقلت لهم لا داعي لذلك فلدي تأشيرة سابقة ما زالت سارية المفعول.

المهم لا أريد أن أطيل عليكم فقد سهرنا ليلتها سهرة صاخبة، ومنها إلى المطار حيث ان إقلاع الطائرة كان في الرابعة فجراً، قدمت المضيفة طعام الإفطار ورفضته مؤثراً النوم عليه، وبعد سبع ساعات وصلنا إلى مطار (جوهانس برغ).

وإذا بمندوب صاحب الدعوة في استقبالنا بباقات الورود، وأخذ جوازات سفرنا، وكان عددنا يقارب العشرين شخصاً.

وكانت المفاجأة غير المتوقعة أن المسؤولين بالمطار رفضوا دخولي، بحجة انه ليس لدي تأشيرة، وأخذت أجادلهم وأقلب صفحات الجواز لكي أريهم التأشيرة، من دون جدوى، وإذا بي أتذكر أنني قد جددت جواز سفري قبل شهر من الآن، وذهبت التأشيرة مع الجواز القديم، وأصر المسؤولون على أن أعود بنفس الطائرة التي أتيت بها. جاملني الأصدقاء بالمكوث معي قليلاً، ولكنهم أخيراً تركوني وهم يودعونني بابتسامات سخيفة، بل إن بعضهم تمنى لي حظاً سعيداً (!!).

بعدما يئست وافقت على أن أعود بنفس الطائرة، غير أن موافقتي تلك كانت متأخرة، فقد أقلعت الطائرة قبل نصف ساعة، واحتجزوني احتجاز (حشمة)، فقلت لهم: إنني تعبان وأريد على الأقل أن تسمحوا لي بالمكوث في فندق المطار، ووافقوا وعندما طلبت منهم غرفة، قالوا لي إن الغرف كلها مشغولة، هناك فقط (سويت) وعليك أن تدفع (500 دولار)، ووافقت مرغماً وقلت لهم: إنني جائع، فقالوا ليس هناك أكل، فالفندق هو فقط للمتخلفين، وإذا أردت أن تأكل فعليك أن تخرج من المطار، وهذا غير ممكن.

المهم كان وضعي مزرياً، فقلت لهم أريد أن أغادر بأي طريقة، فقالوا هناك طائرة ذاهبة إلى (هراري) في زنبابوي، عندها تذكرت الزعيم (موغابي)، ورفضت ذلك رفضاً قاطعاً، وقالوا إن هناك طائرة سوف تغادر إلى القاهرة بعد عشر ساعات، وأخذت تلك الطائرة، ومن القاهرة (ترانزيت) إلى جدة، ورضيت من الغنيمة بالإياب.

والآن فقط أستطيع أن أقول: لقد سافرت إلى جنوب أفريقيا ـ ويا لها من سفرة ـ.