من يحمي أميركا غير أبنائها؟

TT

بث موقع منظمة «موف أون» Move On.org إعلانا جديدا حول العراق. ويعد هذا الإعلان الأكثر تأثيرا من بين الإعلانات التي ظهرت على الموقع، رغم أنه ليس الأول من نوعه. وتقول المنظمة: «يهدف الإعلان إلى كشف حقيقة سياسة جون ماكين في العراق بطريقة شخصية مقنعة». وتضيف: «تظهر الاستقصاءات أن المصوتين يرون أنه أكثر إقناعا من أي إعلان آخر لنا».

أما أنا، فلست مقتنعا. فبعد أن افترت المنظمة على مسؤول بارز، بدأت «موف أون» في التعبير عن عدم احترامها لأي شخص يريد أن يخدم بلده من خلال منصب رسمي.

تَظهر رسالتهم الجديدة المعدّلة في مقطع فيديو مدته 30 ثانية تحت اسم

«ليس أليكس»، وقد أُنتج بالتعاون مع الاتحاد الأميركي لموظفي الولايات والمقاطعات والمحليات. ويُبث هذا المقطع منذ أسبوع على محطات إذاعية محلية في بعض الولايات، مثل أوهايو وميتشغان وويسكنسن وعلى قناتين أرضيتين محليتين، وقد قيل إنه تم شراؤه بقيمة بأكثر من نصف مليون دولار.

الإعلان بسيط، حيث تظهر فيه امرأة تحمل طفلها الرضيع بين يديها وهي تقول: «مرحبا جون ماكين، هذا أليكس، أول أطفالي. إنه يتذوق الطعام ويحبو خلف كلبنا، وتعلو نبضات قلبي عندما أنظر إليه. ولذا، عندما قلت يا ماكين أنك ستظل 100 عاما في العراق، هل كنت تعول على أليكس؟ إذا كنت كذلك، فلتعلم أنه ليس معك».

خذ هذه يا مروج الحروب!

قد يكون من التحذلق أن أشير إلى أن جون ماكين لا يعوِّل على أليكس للخدمة في العراق، لأن عمره سيكون تسعة أعوام عندما يغادر ماكين منصب الرئاسة بعد مدتين رئاسيتين. وقد أكون حريصا أكثر من اللازم إن قلت آه، عندما سئل ماكين عما إذا كانت القوات الأميركية سيكون عليها أن تبقى في العراق لمدة تصل لـ50 عاما، رد قائلا: «قد تصل المدة لـ100 عام»، موضحا: «طالما أن الأميركيين لا يُجرحون ولا يتعرضون للضرر أو القتل، سيكون رائعا بالنسبة لي، وآمل في أن يكون كذلك بالنسبة لك، أن نحافظ على وجودنا في أحد أكثر المناطق سخونة في العالم».

وبصيغة أخرى، فإن ماكين يوافق على تمديد وجود الجيش في العراق، كما هو الحال مع قواتنا في ألمانيا واليابان والكويت. لكنه لا يأمل، ولا يتوقع، أن تظل الحرب في العراق 100 عام. ولكن، من المهم الإشارة إلى أنه لدى الولايات المتحدة جيش كبير يعتمد على المتطوعين. لن يتم توجيه أمر لأليكس كي يلتحق بالجيش، ولا تستطيع أمه أن تلحقه به. يمكنه أن يقرر ذلك عندما يكبر، وأن يحدد ما إذا كان يريد الخدمة في الجيش. وبالطبع فإن ماكين يؤيد الجيش الذي يعتمد على المتطوعين.

كل هذا جميل، ومتوقع في مجال الدعاية السياسية، وأنا أحد الأفراد المقتنعين بالتسامح عندما يتعلق الأمر بحملة رئاسية. ولذا تساءلت بعد أن شاهدت الإعلان على الموقع: لماذا أراه مريعا للغاية؟

ظللت هكذا حتى شاهدت رسالة لأم أحد الجنود الذين ذهبوا أخيرا للخدمة في العراق على موقع BlueStarChronicles.com.

تقول أم الجندي، ردا على رسالة أم الطفل المتوقع ألا يكون جنديا: «هل يعني ذلك أنها تريد من المواطنين الآخرين الوقوف أمام المخاطر حتى يتمكن ابنها من العيش؟ ما الذي يحدث في العالم في رأيها؟ يجب أن يقف شخص ما أمام المخاطر. وإذا لم يكن ابني، فمن يكون؟ إذا لم يكن أليكس الصغير، سيكون على شخص آخر أن يقف، ابن شخص آخر في مكان ما».

هذه هي الحقيقة. طالما أننا لا نعيش في عالم يخلو من الأعداء والحروب، فسنحتاج إلى شباب على استعداد للمخاطرة بأرواحهم من أجل وطننا. ولن يوجد يوما هذا العالم الذي يخلو من الأعداء والحروب.

نحن نعيش بالفعل في دولة حرة لديها جيش يعتمد على المتطوعين، ففي الولايات المتحدة يمكن للمواطنين أن يختاروا بين الخدمة في الجيش وعدم الالتحاق به. وخيار عدم الخدمة يجب ألا يعتريه أي ضعف، ولا يجب أن ينظر إليه على أنه هروب من المجازفة. وإذا اختار أليكس أن يسعى وراء فرص أخرى، فلن ينتقده جون ماكين أو من أي شخص آخر.

ولكن ليست هذه هي الرسالة التي يحملها إعلان «موف أون». فهذا الإعلان لا نظير له في أنانيته، ويعادي من اختاروا أداء الخدمة العسكرية، ووقح في عدم احترامه للآباء الذين يشعرون بالفخر بأبنائهم وبناتهم الذين يؤدون الخدمة العسكرية. يمثل الإعلان نظرة لدولة أميركية طفولية تملأها الأنانية. ويقول إن الخدمة العسكرية والتضحية شيء غير ضروري وأثر من الماضي، يبعث في النفس الأسى.

* خدمة «نيويورك تايمز»