إضحك رغم الألم

TT

كما تردد الكثير من النكات عن عبد الناصر وصدام حسين وبورقيبة، نسج السودانيون ما يكفيهم من النكات عن النميري. وقد دار أكثرها حول إفلاس الخزينة وجوع الجماهير. قالوا إن أحد حكام الخليج استخدم خبيرا سودانيا في تنظيم الدولة. ثم اقترح عليه إضافة وزارة للغابات. فقال له، ولكن لا توجد عندكم أي غابات ليكون لها وزيرها. فأجابه الأمير قائلا، وماذا في ذلك. انتم عندكم وزارة مالية رغم أنه لا توجد بيدكم أي مالية في السودان.

وبعد رجوع النميري من القاهرة بعد تشييع جنازة عبد الناصر، شاء أن يفتش إحدى المؤسسات. لاحظ تأخر أحد الموظفين عن الدوام بثلاث ساعات. فاستجوبه عن ذلك. أجابه الموظف بأنه تأخر لوفاة أحد جيرانه واضطراره للقيام بواجب الجيرة. فقال له النميري، «ثلاث ساعات لتشييع جنازة؟».

ـ ليه لا؟ سيادتك قضيت سبعة أيام في القاهرة لتشييع جنازة عبد الناصر.

وقيل إن محافظ الخرطوم قرر الحد من عدد القطط السائبة بمنح عشرة قروش لكل من يأتي بقط حيا أو ميتا. وكان النميري في زمانها يشن حملة على الخونة المتآمرين. وفي اليوم التالي طلع الرسام الكاريكاتيري عز الدين بصورة تصور موكبا من الفئران تحمل لوحة تقول: «نؤيدكم! اضربوا الخونة بيد من حديد!».

أخيرا استلم عمر البشير زمام الأمور تحت شعار الإنقاذ. فقيل: «قام الإنقاذ على: حالة الطوارئ، والنوم الإجباري، والمشي كداري، والخبز الحجاري والبنزين التجاري..»

وكان البنزين التجاري التعبير المجازي للسوق السوداء. قالوا إن الحكومة قررت مكافأة الشعب على صبرهم بأربعين جلدة للبالغين. وقف القوم في طابور طويل ينتظرون حقهم. لاحظ المكلف بالجلد أن احد المواطنين راح يدافع الآخرين ويحاول أن ينط غلى المقدمة. فسأله لماذا يفعل ذلك؟ فقال: «علشان أخاف يصير الجلد أيضا تجاري بكره ويزيد علي».

وهذه نكتة مقتبسة من الخارج. قالوا إن مسؤولا سودانيا التقى بالرئيس بوش، وكان بجواره قرد ظريف فيما كان يطالبه بمساعدة للسودان. قال له سألبي طلبك إذا استطعت أن تضحك هذا القرد ثم تجعله يبكي وأخيرا تميته فورا. همس الرئيس السوداني في أذن القرد شيئا فجعله يقهقه ضاحكا. ثم همس فيه ثانية فانفجر بالبكاء. ثم قال له شيئا ثالثا فخر صريعا ومات. فقال له بوش «حسنا نعطيك ما تريد. ولكن قل لي ماذا قلت له وجعلته يفعل هكذا؟». أجابه بأنه أولا قال له إنه يريد من الأمريكان مساعدته. ثم قال له إنه رجل من السودان. وأخيرا قال له إنه سيأخذه معه للخرطوم.

لا أدري لماذا يتلقى نواب الرئيس دائما أكثر من حقهم في السخرية. كذا كان الأمر مع عبد الحكيم عامر في مصر وعزت الدوري في العراق والزبير محمد صالح في السودان. تميز السيد الزبير بطول قامته فقالوا إنه عندما التقى بالرئيس فرانسو متران. قدموه إليه وقالوا: الرئيس مسيو متران. فانحنى له الزبير وقال: وأنا الزبير محمد صالح ثلاثة أمتار.