الغزو الرومانسي التركي

TT

يقول علماء النفس إن المرأة أحادية العاطفة بفطرتها، ولذا فهي في مواجهة نزعة التعددية لدى الرجل تميل كثيرا إلى الإنصات للبوح العاطفي الصادر من شريك حياتها لما يحمله لها من طمأنينة بأنها لم تزل ليلاه الوحيدة التي ينبض بها قلبه، وتطرب لها روحه، وبالتالي فإن على الرجال دوام البوح، وعدم التوقف عن قول: «أحبك يا زوجتي الجميلة»، ويمكن التأكيد بأن سيكولوجية المرأة ستظل على الدوام تحمي الرومانسية من الهزيمة، وتضمن إنجاح الأفلام والمسلسلات التي تقترب من مناخاتها، ولذا لم أستغرب أن يتسبب المسلسل التركي «نور» الذي تعرضه إحدى القنوات الفضائية حاليا في عدد من حالات الطلاق في الأردن وسوريا والسعودية وغيرها من الدول العربية بحسب ما نشرته بعض المصادر الصحافية، فوسط حالة الجفاف العاطفي التي تواجهها بعض الزوجات تأتي جرعة الرومانسية الكبيرة التي يمارسها بطل المسلسل «مهند» ليضع الزوجات في مقارنات بين ما يعشنه في بعض البيوت، وما يجسده على الشاشة مهند من بوح عاطفي، فيتمنين لو أن الأزواج يمارسن مثل هذا البوح الذي يشتقن ويتقن إليه، ولربما دفع هذا الإعجاب بعضهن إلى وضع صورة مهند على شاشة هاتفها، أو الثرثرة باسمه أمام زوجها، فلا يجد أولئك الأزواج وسيلة للثأر من كرامتهم بغير اللجوء إلى أبغض الحلال.

والسينما العربية التي ظلت في خندق الرومانسية لفترة طويلة، وقدمت لنا الكثير من الأعمال التي مثل بطولتها نجوم الزمن الرومانسي أمثال: أنور وجدي، شكري سرحان، ليلى مراد، فريد الأطرش، فاتن حمامة، مريم فخر الدين، عبد الحليم حافظ، وغيرهم، أجبرتها نكسة 1967 لتغيير مسارها، وبدلا من التعامل مع الحياة بواقعية ارتمت في أحضان أعمال كوميدية اتسم جلها بالسطحية والسذاجة والتهريج، وغدا أبطال هذه الأعمال الاستهلاكية المجانية نجوما في زمن الفن المتواضع، وتأثرت شريحة من الرجال العرب بهذه الموجة، وأصبحوا مجرد ظاهرة ضاحكة مضحكة حتى داخل بيوتهم، وليستيقظوا على الغزو الرومانسي التركي الذي حمل لواءه مهند، وجعل نسبة كبيرة من النساء قرب شاشة التلفاز يتأملن الوجه الآخر المفقود من البوح في الكثير من البيوت المختنقة عاطفيا..

فاشعلوا البوح أيها الرجال لتريحوا وتستريحوا.

[email protected]