أوباما.. والبيت الأبيض

TT

يتواصل الحديث في العالم عن الانتخابات الأمريكية وعن فرص وصول المرشح باراك أوباما، من الأقلية السوداء لسدة البيت الأبيض. وكما هو معلوم للجميع أنَّ الأقليات العرقية الموجودة في أمريكا وخاصة السود منهم لم يحصلوا على حقوقهم المدنية إلا في العام 1964 عندما صدر قانون .(Civil rights act) الحقوق المدنية

والذي يتضمن قوانين ضد التمييز العنصري وما تبعه من أنظمة وتسهيلات للأقليات باسم (التمييز الإيجابي) والهدف من التمييز الإيجابي في الولايات المتحدة الأمريكية هو مساعدة الأشخاص الأفضل حالا ً ضمن هذه الأقليات، كالسود واللاتينيين في الحصول على فرص أفضل، في التعليم، والعمل، وغيرها.. وهذا التمييز المتناقض كما يراه البعض من الأمريكيين، يعد مفهوما أمريكيا محضا، كونه يرتكز على العرق، فعلى سبيل المثال، الجامعات الأمريكية ملزمة بقبول أبناء الأقليات، وخاصة السود منهم، للدخول في الجامعات، بالرغم من حصولهم على معدلات أقل من غيرهم وكذلك في مجال التوظيف وتهدف هذه السياسة إلى التكفيرعن ذنبا مارسه المجتمع الأمريكي بحق السود في الماضي.

فهل يعطي (التمييز الإيجابي) كمفهوم، فرصة أكبر لباراك أوباما للفوز بالرئاسة الأمريكية؟ أم انَّ رئاسة الدولة العظمى الأولى في العالم، خطا أحمر لا يمكن تجاوزه من قبل الأقليات؟ تحقيقا للتفوق العرقي للرجل الأبيض، وأنَّ ذلك أمرا ًمقبولا ًمن قبل تلك الأقليات كواقع سياسي لا يمكن الفكاك منه في ذلك المجتمع، وهل تسمية مقر الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية بالأبيض له دلالته العنصرية في الإرث السياسي الأمريكي، أم أنَّ المجتمع الأمريكي قد وصل الى مستوى معينا من النضج السياسي المتحضر، ليدعم حملة يقوم بها مرشح أسود باسم «التغيير» وتحقيق حلم ابن جلدته مارتن لوثر كينغ «بمستقبل لا يختلف حسب لون البشرة» قدّم فيه حياته كثمن لهذا الحلم! إنَّ الدعوة للتغيير التي يطلقها باراك أوباما قد تجد رواجا لدى طبقة معينة من المثقفين البيض في أمريكا، إلا أن وجود مجموعات مؤثرة من البيض ذات توجهات عنصرية عقائدية قوية، لها تنظيماتها الخاصة ومنابرها وأجندتها السياسية والاجتماعية، بالرغم من محاولات عمليات التجميل والترقيع للمشهد الاجتماعي، السياسي الأمريكي، التي ترى أنَّ وصول أوباما للبيت الأبيض، هو نتيجة للتمييز الإيجابي الذي حصل عليه السود في أمريكا، وهم يرون أنَّ الأقلية السوداء لا تتمتع بالكفاءه، وتحاول الحصول على امتيازات غير مستحقة لها، مما يعرض البيض لعنصرية مضادة باسم التمييز الإيجابي، فهل تسمح تلك المجموعات المتطرفة بوصول رجل أسود إلا البيت الأبيض؟ أم سيدفع أوباما الثمن نفسه الذي دفعه مارتن لوثر كنغ لتحقيق حلمه؟

[email protected]