ليلة البيبي دول

TT

دار سينما أنيقة، ذات مقاعد خالية إلا من بضع أفراد متناثرين هنا وهناك لا يتجاوز مجموعهم العشرة، وشاشة العرض تومض بأسماء ممثلين كبار: نور الشريف، محمود عبد العزيز، جمال سليمان، ليلى علوي، جميل راتب، محمود حميدة، محمود الجندي، سلاف فواخرجي، عزت أبو عوف، نيكول سابا، غادة عبد الرازق، وروبي.. كل هؤلاء النجوم وغيرهم تجمعوا في فيلم سينمائي واحد اسمه «ليلة البيبي دول»، ومع هذا لم يستطيعوا أن يقنعوا جمهور السينما بالحضور.. لماذا؟!

هذا الفيلم الذي بلغت ميزانيته نحو 7.5 مليون دولار، ورافقت ظهوره أكبر حملة دعائية في تاريخ السينما المصرية أراد أن يحشد الكثير من الأفكار والنجوم في فيلم واحد فتقزم كل شيء، وغدا مزدحما بأشياء كثيرة أشبه بمتجر «كل شيء بجنيه»، وتاه الفيلم بين السياسي والكوميدي، ولم يستطع كل عطارين التمثيل من مصر وسورية الذين تجمعوا في الفيلم أن يصلحوا ما أفسده الزحام..

وخلو القاعة من المشاهدين يعكس وعي الناس، كما يعكس قدرتهم المناعية على عدم التأثر بالحملات الدعائية، والانجرار خلفها، عكس ما فعلته أنا الذي اهتديت بالضجيج فقادني إلى الندم، فهذا الفيلم له القدرة على تشتيت انتباه المشاهد في تفاصيل سياسية وعاطفية وكوميدية مبعثرة يصعب على «أجدع» مشاهد لملمتها وجمعها في الذهن، وكل ما يمكن أن تخرج به من ذلك العرض مجموعة صور متقاطعة، لا تلبث أن تخبو في الذاكرة، كما يخبو الكثير من الأشياء غير الهامة.

الحسنة الوحيدة للفيلم أنه أتاح لجيل من الممثلين غير الشباب أمثال جميل راتب، ومحمود حميدة، ومحمود الجندي، ونور الشريف، ومحمود عبد العزيز أن يكسروا حاجز الاحتكار الشبابي للسينما المصرية ليعودوا من بوابة هذا الفيلم إلى الشاشة بالجملة، فجيل الشباب من الممثلين أمثال: منى زكي، وأحمد حلمي، وهاني رمزي، وأحمد السقا، ونور، ومحمد سعد، أحالوا أو أوشكوا أن يحيلوا الأجيال التي سبقتهم من الممثلين إلى مقاعد المتفرجين في ظاهرة غريبة على السينما المصرية التي اعتادت أن تضم أجيالا من الممثلين في الفيلم الواحد، وباستثناء «الجوكر» حسن حسني وعادل إمام فإن الغالبية تعاني من حالة الغياب أو التغييب في انتظار مثل «ليلة البيبي دول» لكي يعودوا.

في الطريق إلى بوابة الخروج بعد انتهاء العرض راح أحد الجمهور القليل يعزي نفسه بالقول: «هي كدا السينما زي البطيخ مرة حمراء، ومرة بيضااااااااااء، وفي الحالتين عليك أن تأكل فلوسك».

[email protected]