تفكيك القرن السادس

TT

كانت المانيا الغربية احدى اكثر دول الارض تقدما وتطورا وعمرانا والمانيا الشرقية العكس تماما. كيف يمكن ذلك؟ كيف يمكن للالماني الغربي ان يصنع المرسيدس ويسوقها ولأخيه الشرقي ان يصنع «الترابو» وتسوقه مثل مقبرة صغيرة متنقلة؟ ليس اوضح وابسط من الجواب: الالماني الغربي عاش في ظل الدولة، الشرقي عاش في ظل «الستازي».

هناك تجربة اخرى على الطريق: كوريا الجنوبية هي سادس اقتصاد في العالم وكوريا الشمالية بدأت تخرج من القرن السادس. ولن يطول ذلك. عشرات الآلاف يهربون الى الصين لكي يعرفوا معنى الحياة خارج امجاد كيم جونغ ايل. لم يعد في امكانه ان يخترع عدوا يجوع الناس بسببه. لم يعد في امكانه ان يخترع انتصارات تكتب لها الاناشيد الفارغة. شعبه يريد ان يحيا. ان يعبد الله لا القائد. وان يشاهد الافلام التي يشاهدها القائد. وان يسمع اغنية لا علاقة لها بتمجيد الزعيم المحبوب.

كان القائد يهدد جارته اليابان، اهم تجربة اممية في القرن العشرين، بصاروخ نووي اعمى. وكان يهدد توأمه، كوريا الجنوبية، بمجموعة صواريخ مليئة جراثيم. والان اقتنع بأن عليه ان يفكك ترسانة الابتزاز ويتقاضى ثمنها. ولن يبقى له بعد ذلك شيء. سوف يطوف الشماليون من فوق الاسوار نحو الصين وكوريا الجنوبية. ولن يبقى احد في الديار تماماً كما حدث يوم زحفت البانيا كلها على ايطاليا بعد سقوط النظام الشيوعي، او يوم طفق الفيتناميون بمئات الالاف يملأون البحار والانهار هربا من عتم النظام وصلفه وسجونه.

آسف ان ابلغكم بأن الوقت لن يطول. سوف نفيق ذات يوم وقد توحدت كوريا كما توحدت المانيا. وسوف يتكفل المسألة الجنوبي الذي يصنع السيارات والبرادات والجوالات ويبني اضخم المنشآت في العالم. اما الشمالي فقد حفظ الاناشيد واجاد استخدام مكبرات الصوت وحمل تجربته المريرة في القحط والمجاعة والموت.

غريب ان تكون الصين هي بوابة التغيير في بلاد القرن السادس. ففي الماضي كانت صين ماو هي التي جرت بيونغ يانغ الى عبادة الزعيم المبجَّل. ولم يكن في الصين او في شمال كوريا شيء او احد سوى الزعيم الملهم وكتابه. غريب. الصين تعدو الان لكي تصبح اهم دولة في العالم. واميركا ترتجف.