صيف

TT

الصيف حلت أيامه وبدأت بوصلة الناس تتوجه صوب الاجازات والترفيه. ويشتمل ذلك على بعض الممكن من القراءة والاطلاع على الافلام السينمائية والمسارح والحفلات الموسيقية. هناك بعض الاصدارات الادبية اللافتة التي تستحق الاشادة والاطلاع أيضا. هناك رواية كبيرة جدا، وبحسب كاتبها، هي مستوحاة من واقع قصة حقيقية ومؤلمة جدا بعنوان « 4/1 غرام » وتحكي وبتفاصيل مثيرة وبالغة التعقيد كيف يسقط المدمن في شراك المخدرات، وكيف يبدأ مشواره مع هذه الآفة المدمرة ببطء، ويظهر الكتاب وببلاغة شديدة كيف أن المدمن هو شخص عادي ومن الوجوه المألوفة التي تحيط بنا، مثله مثل أي واحد منا.

والكتاب مقبض وحزين وشديد التأثير، ولكنه صادق في نقل الواقع المؤلم والمقبض لعالم المخدرات الأسود. فهناك كتاب آخر يلقى انتشارا كبيرا في الاوساط الشبابية بالذات، وهو بدأ كمدونة تسجل في موقع على شبكة الانترنت، ومن ثم تجمعت الأفكار وتحولت لكتاب خفيف الظل اسمه «عايزه اتجوز» بقلم غادة عبد الرزاق، وهي صيدلانية شابة تحكي معاناة الفتيات مع الزواج وفارس الاحلام بأسلوب ساخر ونقدي جميل. وفي عالم السينما هناك أكثر من عمل سينمائي جدير بالاهتمام، ولعل أبرزها هو الفيلم المثير للجدل «الريس عمر حرب»، وهو فيلم يحكي وباقتدار الصراع الهائل بين الخير والشر، وتدور أحداث الفيلم بالكامل داخل كازينو للقمار، وتصور أيضا أن الامور لا تبدو حقيقة كما هي ظاهرا، فمدير الكازينو يحرك كل المسائل في الخفاء، بينما يتظاهر أن الامر ليس كذلك، ويبرز الفيلم السقوط الكبير للاخلاق والقيم والسيطرة المطلقة لنزعة الشر على الروح الطيبة للناس. وهذا الفيلم هو آخر ما قدمه المخرج المتألق خالد يوسف صاحب الفيلم الناجح «على جنب يا اسطى»، الذي يقوم ببطولته اشرف عبد الباقي مع كوكبة هائلة من ضيوف الشرف في مشاهد متعددة ومتوالية يتم التطرق فيها الى مصاعب ومشاكل المجتمع بشكل ممتع وجذاب.

وأيضا هناك الفيلم الكبير «حسن ومرقص» بطولة عادل إمام والفنان العالمي الكبير عمر الشريف، الذي يقدم العلاقة ما بين الاقباط والمسلمين في مصر، من خلال مشاهد انسانية مضطربة، تعكس المناخ الاجتماعي والسياسي المضطرب، الذي تشهده مصر والمنطقة العربية مؤخرا بشكل مخيف ومقلق. الكتاب والسينما لا يزالان أهم جرعات الترفيه وأهم وسيلة تثقيفية، وبين فترة وأخرى تشهد وتظهر الأعمال اللافتة التي تطمئن الجمهور بأن العقول الابداعية لا تزال قادرة ومصممة على الانتاج المميز والمختلف. ويبقى الحكم دائما على ذوق الجمهور، الذي بات المعيار الأساسي لنجاح كل عمل وكل جهد ابداعي. فالمادة الابداعية اذا لم تلق الرواج المطلوب ستبقى أسيرة النخبة، وهذا وحده حكم بالعزلة. وكل صيف والكل يقرأ ويشاهد مستمتعا.

[email protected]