نعمة كبرى: أنا أخرس وأنت أطرش

TT

الصديق هو الذي يصدقك

والعدو هو الذي يعدو عليك

نحن صديقان ولكننا لا أصدقاء دائماً ولا أعداء دائماً وإنما هو يردد ما أقوله، وأنا أردد ما يقوله.. فنحن «أصداء» أجدني عنده، وهو يجد نفسه في حكاياتي وفي الذي أقول.. هو رجل أعمال، وأنا رجل أقوال..

هو يعرف هدفه من دون كلام، وأنا أتكلم حتى أعرف هدفي..

هو يتكلم عن الناجحين، لأنه نجح.. ويجد متعة في قصص الفاشلين، لأن في ذلك تكريماً دائماً لعقله وحاسته السادسة ودعاء والديه.. ويتحدث عن الدولة باعتبارها دكاناً كبيراً والذي ينجح كبقال يستطيع أن ينجح كوزير.. إنه يقابل الناس ويحسن معاملتهم ويرضيهم ويصادقهم ويكسب منهم.. وهو يرى أنه أحق الناس بأن يكون ويكون ولكنه لا يفهم أن الوزير يجب أن يعطي بلا مقابل! وهو يرى أن الزواج عقد خبرة.. هو يدفع في مقابل حياة أو بيت أو إنتاج أولاد وتربيتهم. وهو يتزوج لأن الزواج اقتصادي وأوفر من حياة العزوبية. وعنده أمثلة على ذلك كثيرة. وهو يرى أن الخلاف بين الأزواج سببه أن كلا منهم يرى أنه يعطي أكثر ويتقاضى أقل.. أي أنه يضحي.. وأنه هو الخاسر في هذه الصفقة ولذلك يطالب بالتعويض ويطالب في نفس الوقت بتطبيق نص العقد المبرم بين الاثنين..

والأطفال «إنتاج مشترك» وصديقي هذا لا يؤمن بالقضاء والقدر، ولا النصيب ولا الحظ، وإنما يرى أن الذي يعمل يكسب، وأن من جد وجد وأنك تساوي بالضبط ما في يدك.. قرش يساوي قرشاً.. ولا قريش، فأنت ولا مليم!

آخر مرة قلت له: هل تعلم أنني لم أستمع إلى كلمة واحدة مما قلت في الساعة الماضية.. لقد سرحت بعيداً عنك!

أجاب: إنها نعمة كبرى أن نكون صديقين أحدنا أخرس والثاني أطرش!