معركة مضيق هرمز؟

TT

منذ منتصف السبعينيات ومضيق هرمز يعد بضاعة سياسية كبيرة في المنطقة، كان شاه ايران حينها يسمي نفسه شرطي المنطقة، لتأديب العراق الأحمر، وكان يتعهد بضمان سلامة مرور ناقلات النفط عبر المضيق من أي تهديد إرهابي. وبعد ان سقط في ثورة الخميني تبدلت سياسة طهران الى التهديد بسد المضيق، راح الشرطي الايراني وجاء العسكر الغربيون. صارت بحيرة الخليج أكثر قطعة مكتظة بالبوارج العسكرية، والمناورات التي لا تنقطع وكل من فيه ويطل عليه في حال توتر أمني وعسكري لا ينقطع. وبطبيعة الحال كل ما تحتاجه هذه الكمية الهائلة من البارود والتوترات عود ثقاب لتندلع حرب رابعة.

الايرانيون هددوا قبل ايام بأنهم يعتزمون سد مضيق هرمز كرد على أي تحرك ضدهم. وسبق لهم ان كانوا اكثر تحديا فهددوا بإغلاق البوابة البحرية ان صدر قرار دولي يحظر تصدير النفط. ومن جانبه كان الحارس الاميركي لا يقل إصرارا على انه سيستخدم القوة لرد اي محاولة لإغلاق المضيق. ومن المرجح ان تساند معظم دول العالم استخدام القوة في حماية المضيق لسببين، أولا، لأن نفط الخليج يذهب معظمه لدول آسيوية أبرزها الصين واليابان والهند إضافة الى دول أوروبية، وهذه ستؤيد حربا لحماية المضيق في لحظة الحسم. وثانيا، لأن المضيق ليس مثل مضيق سيناء، ملكا للايرانيين، بل هو معبر دولي وتطل عليه أيضا سلطنة عمان، ويعتبر بالنسبة للعراق والكويت والبحرين وقطر منفذها الوحيد، اما الامارات وعمان فتطلان على بحر عمان المفتوح، والسعودية على البحر الاحمر. وقد سبق لهذه الدول ان هيأت خططا بديلة سرية وعلنية لمواجهة يوم القيامة النفطي. فالسعودية سبق ان مدت في الثمانينيات شبكة أنابيب تنقل بترولها الى البحر الاحمر، وبنت مستودعات خزن نفطية تحت الارض، وتقوم معظمها اليوم باستئجار ناقلات نفط لتخزين البترول فيها في عرض البحر حتى تلجأ اليها عند حالة الحرب.

ولا نتوقع ان تكون معركة المضيق حالة منفصلة، بل جزء من حرب كبيرة، سواء كان المضيق سببا او نتيجة. ايران التي تلوح بإغلاق المضيق تعتقد انها تلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة، لكنها في الواقع تضطر الدول المحايدة في العالم، مثل الصين والهند، الى دعم معركة «تحرير المضيق» وتأمين سلامة الملاحة البحرية في كل الخليج. أيضا، التهديدات الايرانية المتكررة ربما هدفها إخافة دول الخليج من تبعات أي هجوم أميركي على ايران وبالتالي تخيفها لتضغط بدورها على واشنطن لمنع العمل العسكري، إلا انه يؤدي الى عكس النتيجة المرجوة تماما. فهذه الدول اصبحت ترى مع مرور الوقت ان المواجهة اكثر احتمالا، بسبب فشل التنازلات الأوروبية لإيران والعروض المرنة من وكالة الطاقة الدولية، ووضوح ايران في إلحاق طلب النفوذ السياسي كثمن لأي اتفاق مع واشنطن في الملف النووي، كما جاءت الاشارة اليه واضحة في الجولة الأخيرة. هذه الدول ربما تعتقد أن المواجهة العسكرية خيار سيئ، لكن بيع الخليج في المزاد السياسي ربما أسوأ من ذلك، وهذا سيعيد حساب الربح والخسارة في لعبة أمن وسياسة الخليج.

[email protected]