مراقبة تجربة

TT

جمال مبارك نجل الرئيس المصري، يتبوأ مناصب سياسية بالغة الأهمية في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. فهو الأمين العام المساعد للحزب، وهو رئيس المجلس الأعلى للسياسات وهو أهم منصب تنفيذي واستراتيجي في الحزب مكنه من أن يلعب دورا مؤثرا في تشكيلة الحكومة المصرية الحالية، وكثر الحديث والتكهنات عن «دور» جمال مبارك الحالي وتوقعات هذا الدور مستقبليا. ولكن هناك شيئا مثيرا يدور في السياسة المصرية الداخلية الآن على الأقل في الجانب الشكلي مما يحدث، وهو الفصل بين النظام والحزب والحكومة، وجعل أداء كل جهة من هذه الثلاث جهات أداء مستقلا والى حد ما أداء موضوعيا. لم يعرف العالم العربي الحديث الفصل بين المؤسسات السياسية، وكان دائما ما يتم التعامل مع هذه المؤسسات والهيئات على أنها كيان واحد وأن التفريعات ماهي إلا شكليات وتفاصيل لا تقدم ولا تؤخر، ولكن الآن يبدو أن «النظام» الجمهوري في مصر حريص على أن يكون ذراعه الرئيسي هو الحزب وواجهته «المدنية» والمكونة من تشكيلة منتقاة من رجال الأعمال والساسة والأكاديميين يحاولون استحداث سياسات وتشريعات تساهم في تزكية واجهة البلاد، والحزب لكي يتحرك على الساحة الشعبية ويحدث النتائج المنشودة، لابد له من أدوات سياسية لعمل ذلك بفعالية وجدارة وهذه الأدوات تتمثل في كل من الحكومة ووزاراتها وطبعا أعضاء الحزب الحاكم (صاحب الأغلبية البرلمانية) في مجلس الشعب، ولكن هناك تطورا لافتا ومثيرا يحدث الآن في مصر بين الحزب وبين الحكومة. فهناك رسائل مهمة (منها ما هو مباشر ومدو ومنها ما هو صامت وغير مباشر) يوضح فيها رضا الحزب عن الأداء الحكومي أو عكس ذلك عبر مداولات ومشاورات وتصريحات خاصة وعلنية في مواضيع محددة وأحيانا في سياسات عامة. وقد يكون هذا جزءا من الحنكة السياسية التي تظهر وبقوة داخل مؤسسة الحزب الحاكم لكي تكون الحكومة هي سبب الفشل وليس الحزب وحتما ليس النظام، وهذا تطور جيد ولافت لو كتب له الاستمرار والتواصل الحقيقي، وأن يكون كل هذا التقييم مبنيا على عدالة وسوية لانه سيقدم نقلة نوعية طال انتظارها في ارساء منظومة سياسية. والانتقال الى حكم المؤسسات المدنية مطلب تتفق عليه الاغلبية الكاسحة من المصريين، وعليه تبقى التجربة المصرية الحالية محل اهتمام ومتابعة من الكثير من الأنظمة الجمهورية ليراقبوا كيف ستكون فرص حكم المؤسسات في البلد العربي الأكبر وصاحب التجربة العسكرية الأشهر .