سورية.. قريبة من إسرائيل بعيدة عن السعودية

TT

لا يرى وليد المعلم مشكلة في التوصل لسلام مع إسرائيل، حيث أعلن أن سورية جاهزة إذا كان أولمرت جاهزا. وجدد المعلم مطالب دمشق بضرورة التقارب مع واشنطن، على اعتبار أن عملية السلام مع إسرائيل تحتاج إلى رعاية أميركية. إلا أن وزير الخارجية السوري يرى في الوقت ذاته، أن التقارب مع السعودية يحتاج إلى جهد من الطرفين!

فهل يعقل أن عودة العلاقات السعودية ـ السورية لشكلها الطبيعي أصعب من سلام سوري ـ إسرائيلي؟ أمر لا يصدق! السعودية لا تحتل أراضي سورية، كما أنها لم تسع يوما لزعزعة النظام السوري، ولم تلعب بأمنه، ولم تسهل مهمة الخطرين أمنيا ليعبثوا بأمن دمشق.

على عكس كل ذلك كانت الرياض هي التي حمت سورية في أقسى الظروف السياسية، وتحديدا الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقبل اغتيال رفيق الحريري وبعده، بل إن السعوديين سعوا إلى حفظ ماء الوجه لدمشق بعد بدء تشكيل محكمة الحريري.

المعلم يقول إن «سورية والسعودية تستطيعان لعب دور بارز في خدمة القضايا العربية وأمن واستقرار المنطقة ودرء المخاطر المحيطة بها»، والسؤال كيف؟ هل السعودية هي التي تريد السيطرة على لبنان واحتلاله؟ الواقع يقول إن السعودية تسعى لترسيخ نظام المؤسسات في لبنان، على عكس ما تريده سورية.

والسعودية هي التي أرادت وحدة الصف الفلسطيني، ولم تقف في صف طرف ضد الآخر، على عكس دمشق. والرياض هي التي تريد علاقات قائمة على حسن الجوار بين إيران ودول المنطقة، من دون استغلال طائفي، أو تدخل في شؤون الغير، بينما دمشق ذهبت في تحالفها مع طهران إلى حد يوحي وكأن إيران دولة حدودية مع دمشق، أو لبنان، على الرغم من كل ما يفعله نظام الملالي في المنطقة.

سبق لدمشق، وحلفائها القلقين اليوم من التفاوض السوري ـ الإسرائيلي، أن اتهمت السعودية في اعتدالها، ويومها قيل لنا «اتركونا في مغامراتنا وانعموا انتم باعتدالكم»، واليوم نلحظ أن الرياض هي التي باتت دولة ممانعة، بينما سورية تفاوض إسرائيل، وكذلك يفعل حزب الله، وحماس، وها هي إيران تطفئ الأنوار بسبب أميركا.

قبل أيام تأسف وليد المعلم لأن بلاده لا تملك السلاح النووي مثل إسرائيل، وما يريد الوزير السوري قوله إنه يأسف لأن اسرائيل تملك قوة لا تملكها سورية. حسنا، إذا كانت دمشق لم تطلق رصاصة حرب قرابة ثلاثين عاما، ولم تضع حجر بناء، ولم تستطع أن تكون أقوى من إسرائيل لا اقتصاديا، ولا عسكريا، ولا علميا، فما الذي تحقق للسوريين، والمنطقة؟

لا أحد يريد معاداة سورية، وليس من الحكمة فعل ذلك، وهذه قناعتي، لكن المحير، كيف أن دمشق تترك ملعبا شاسعا تستطيع أن تفعل فيه الكثير، وتحشر نفسها في زاوية ضيقة. فقط تخيلوا سورية معتدلة، وساعية إلى الاستقرار في المنطقة، حينها سنكون على مشارف تاريخ جديد للمنطقة. ومن هنا تأتي خطورة سورية، وأهميتها.

[email protected]