العراق.. سقط دين وبقيت ديون

TT

قدمت أبوظبي وهي تستقبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بادرة حسن نوايا كبيرة للعراقيين حيث أسقطت قرابة سبعة مليارات دولار كديون وفوائد مترتبة على العراق، وأتبعتها بتسمية سفيرها في بغداد أيضا.

ما قدمته أبوظبي يعد في حد ذاته مبادرة حسن نوايا تجاه العراق، والسؤال هل تستغل حكومة نوري المالكي هذه المبادرة وترد على التحية بأحسن منها لأبوظبي وباقي الدول العربية، بمزيد من التطمين؟

سبق أن كتبت عن التقصير العربي تجاه العراق، واليوم نرى توجها عربيا تجاه بغداد، ولكن الأهم سيكون بما سينطوي عليه رد الفعل العراقي على هذه المبادرات العربية، وأهمها الآن إسقاط الديون الإماراتية عن بغداد.

إسقاط الديون الإماراتية عن بغداد يعد فرصة لحكومة نوري المالكي لكي تثبت لجيرانها العرب أن العراق قريب من دول الجوار، وعامل من عوامل الاستقرار في المنطقة. اطمئنان الدول العربية لا يأتي بتقديم تنازلات لهم بكل تأكيد، بل بمزيد من المصالحة الداخلية العراقية، وقطع الطريق على من يحاول السيطرة على العراق وجره إلى تبعية وفق منطق ضيق.

على حكومة المالكي أن تبادر الآن إلى تسديد الديون المترتبة عليها للشعب العراقي، وهذا لا يتحقق إلا بتعميق المصالحة الوطنية، وإشراك جميع ألوان الطيف العراقي في العملية السياسية.

على حكومة المالكي القضاء على جميع ملامح المحاصصة الطائفية، فالعراق للجميع، وليس لطائفة دون طائفة أخرى. ما يريده جيران العراق هو تجنب لبننة العراق. لا يريد الخليجيون، ومعهم العرب المعتدلون، رؤية عراق تتوزع وزاراته، ومراكز القوة فيه على الطوائف.

وكما سبق وكتبت من قبل فإن مشكلة دول الخليج، وبعض الدول العربية، تجاه العراق، تكمن في عدم الثقة بنوايا حكومة المالكي وحقيقة دوافعها، وعلى الحكومة العراقية أن تعمل على إزالة هذه الشوائب.

وآخر ما يريده العرب المعتدلون للعراق أن يصبح حاله كحال لبنان، وهذه كارثة بكل المقاييس، على الدول العربية المعتدلة، والخليجية تحديدا. المقلق في العراق اليوم هو ما نراه من صعود للرموز الدينية، على حساب مفاهيم بناء الدولة العراقية، وكذلك عدم وضوح الموقف الحقيقي لحكومة بغداد من إيران.

ديموقراطية العراق يجب ألا تكون شعارات ينفذ منها الإيرانيون أو غيرهم للسيطرة على بغداد. كما يجب ألا يكون هناك نفوذ خارجي يحكم القرار السياسي في العراق، فذلك خطر على العراق وهويته، وضد دوره المهم والمنتظر، في كافة المجالات.

الكرة الآن في ملعب السيد نوري المالكي، وهي فرصة سانحة له للعودة إلى المجتمع العربي بدور فاعل. بإمكان المالكي الآن دفع الخليجيين إلى تسريع اتخاذ خطوات ايجابية تجاه العراق، على غرار أبوظبي، أو دفع الخليجيين للقول إنهم كانوا على حق في تريثهم حيال التعامل مع حكومة بغداد.

والسؤال الآن إلى أي الاتجاهات ستسير حكومة نوري المالكي.. هل تستغل الفرصة وتكون انفراجة في علاقة العراق مع دول الجوار العربي، أم تطول الجفوة بين بغداد وجيرانها؟

[email protected]