خاتم نادية

TT

أول ذكرياتي عن الحلي بدأت بخاتم ذهبي كانت احدى زميلاتي في المدرسة ترتديه على خنصرها. كنت في نحو السادسة ولم يكن من المألوف ان ترتدي التلميذة حليا ذهبية في المدرسة. ولكن نادية كانت ترتدي الخاتم حول اصبعها. وبعد ان اصبحنا صديقتين سألتها عن سر الخاتم وكيف سمحت لها والدتها بارتدائه في المدرسة من دون ان تخاف ان يضيع ففهمت ان والدها توفي فكفلها خالها، وان الخال يعمل في بلد بعيد اسمه البحرين. وانه حين عاد في اجازة احضر لها الخاتم والبسها اياه وقال لها اتمنى الا تخلعيه حتى يذكرك بأن خالك موجود وبأنه يحبك ويخاف عليك.

وبعد أن كبرت اكتشفت ان الحلي لا تغريني. ولكن ظل الخاتم كحلية يمارس عليّ تأثيرا قويا ربما لأن حكاية صديقتي والخاتم لازمتني طويلا. واذكر انني حين تركت وطني للدراسة لم احمل معي سوى خاتم ذهبي واحد وانه لم يكن يفارق يدي.

واستمر تأثير الخاتم يغوص تحت برك الوعي ثم يطفو من جديد. وتجدد اهتمامي بحكايات الخواتم حين ذاعت قصة الحب بين اليزابث تايلور وريتشارد بيرتون. فقد كانت الماسة الضخمة التي صنع منها خاتم الخطبة أكثر عناصر القصة رواجا. وفيما بعد انتهت قصة الحب وبقيت الماسة. وما لم تذكره الصحف والمجلات هو مصير الخاتم. لا احد يعلم على وجه التحديد ما فعلته اليزابث بالخاتم الشهير.

وظلت حكايات تلك الخواتم تحرك فضولي ومنها الخاتم الذي اهداه عماد الفايد للاميرة ديانا قبل ان تنتهي حياتهما في نفق فرنسي مظلم. وسيظل خاتم ديانا في طي النسيان الى ان تحلم امرأة ما في مكان ما بالابهة متمثلة في خاتم ثمين تتمنى اقتناءه ويعرض ذلك الخاتم للبيع فتشتريه. والدليل على ذلك ان مجوهرات دوقة ويندسور ظلت منسية بعد وفاتها الى ان بيعت بالمزاد بعد سنوات. يوم قرأت الخبر تدفقت في ذهني تخيلات وافتراضات لم يكن بينها عنصر واحد مريح. فالدوقة كانت امرأة وسعت شهرتها العالم كله لأن ملكا احبها. ومن اجل الحب تنازل عن عرشه لكي يتكلل حبه لها بالزواج في زمن لم يكن يسمح بأن يتزوج ملك امرأة مطلقة. وعاش معها في المنفى الى ان فارقا الحياة. ولكن الحلي التي اهداها لها بقيت. ثم بيعت بالمزاد لتقتنيها حبيبة اخرى الى ان يأتي زمن آخر ومزاد آخر.

أحدث الحكايات تختص بأثينا أوناسيس، حفيدة الثري اليوناني اريستوت اوناسيس. حين ماتت امها كريستينا تركت لها مجموعة من الحلي والمجوهرات التي لا تقدر بثمن.. والعجيب ان اسرة اوناسيس كلها فارقت الحياة الا من هذه الشابة. فالجد توفي في اعقاب وفاة ولده الوحيد في حادث سقوط طائرة. ثم توفيت كريستينا وبقيت اثينا حارسة للثروة. غير أن أثينا لا تحب المجوهرات لذلك قررت ان تبيعها بالمزاد. وما ان ذاع الخبر حتى انهالت العروض من اميركا غربا الى الصين شرقا، حيث يسعى اثرياء العالم الجدد للتباهي بثرواتهم الضخمة.

سوف تعود تلك الحلي للظهور بعد سنوات، خاتم هنا وقلادة هناك ترتديها احدى الجميلات.. ثم تختفي الجميلة ويبقى الذهب والماس ليباعا في مزاد آخر.

لا يمكن ان اختم هذه السطور قبل ان اعترف بأنني فقدت خاتمي الذهبي. ولا اعلم شيئا عن مصيره. ولم احزن عليه.