العلاقة مع أصحاب الفخامة

TT

تعرفت إلى الرئيس أمين الجميل وهو بعد نائب خلال حادث دراماتيكي مرَّ بلبنان. وكنت في حاجة إلى نوع من «الحماية» الأمنية فكان ينقلني بسيارته مثل أصدقاء عتاق. واستقرَّت علاقتي بالشيخ أمين، قبل الرئاسة وبعدها، لا يغيرها مجيء أو ذهاب.

وبدأت علاقتي بالرئيس الياس الهراوي على نحو متوتر. بالغت في معارضته وشعر بضيق شديد مما أكتب هنا، خصوصاً أنه كان يأمل أن تنقل عنه إلى العرب صورة عادلة. وفي السنوات الأخيرة قبل وفاته كدت أصبح جزءاً من المشهد اليومي في دارة الرئيس العزيز.

عندما جاء الرئيس إميل لحود كنت أعلق عليه آمالا لم أعقدها على رئيس من قبل. كنت واثقاً من أنه سيعدل وسوف يقلل من الفساد وسوف يضبط بلداً يصعب أن يضبطه أحد. واعترف أن الرئيس لحود بادلني المبادرة بألف. وكان يحرص في كل مجالسه على أن يخجل تواضعي ويبالغ كثيراً في تعداد صفات أتمنى لو كانت حقيقية. وكنت أخلص للرئيس لحود كمواطن وأحدثه كما أحدث نفسي وأنقل إليه رغبات وآمال ومشاعر ومواقف البسطاء من الناس، وشعرت لفترة أنني جزء من دائرة الرئيس (وليس القصر) لأن الدخول في دائرة القصر كان يعني الدخول في المتاهات والأحساد والأقوال. اللهم أحمنا، فدائرة الصحافيين تكفي وتفيض.

خذلني الرئيس لحود كما خذل الأكثرية الساحقة من اللبنانيين. وكنت أتمنى ألا يطلب التمديد وألا تقبل سورية الطلب. وكنت أقول هذا الكلام في قلب دمشق ولجميع أصدقائي العاملين في السياسة، لأنني كنت أدرك مدى الضرر الذي سيلحق بالعلاقة اللبنانية السورية. وحدث أن أدى التمديد إلى خروج سورية بطريقة غير مقبولة.

كنت أشعر بأسى وعقدة ذنب كلما كتبت ضد العماد لحود بعدما كنت أحد الذين قدموا له. وكان كثيرون ينتقدون حماسي ويحذرونني من الجهل بالناس، وفي طليعتهم الأستاذ غسان تويني. لكنني لم ألتفت.

تكرم الرئيس ميشال سليمان باستقبالي أمس. وطوال المقابلة كنت أسأل نفسي، إذا أعطاني الله عمراً، كيف ستكون علاقتي بالرجل بعد ست سنوات؟ طبعاً هذه ليست من همومه لكنها من همومي. لكنني أتمنى على المواطن الأول ميشال سليمان ألا تغير فيه الرئاسة. لا أخلاقه. ولا ربطة عنقه البسيطة، ولا ألوان بذلاته الهادئة ولا علاقته بالناس. وليكن حزبه أولئك الذين لا يصرخون ولا يهددون ولا يقولون سوى كلمة القلوب الطيبة. هؤلاء هم الحقيقة.