ملامح نزاع سني في العراق

TT

من الواضح أن هناك ملامح نزاع سني في محافظة الأنبار العراقية بين مجالس الصحوة المحسوبة على العشائر، والحزب الإسلامي الذي يعد ذراع الإخوان المسلمين في العراق، وفي حال اندلاع مثل هذا النزاع فسيكون ضربة لكل ما تحقق من أمن في إحدى أكبر المحافظات العراقية.

محافظة الأنبار، التي تضم ثماني مناطق إدارية مهمة في العراق، كانت عنوانا للمقاومة في وجه الجيش الأميركي، مثلما أصبحت من بعد عنوانا لطرد تنظيم القاعدة الإرهابي، وهي عنوان أيضا للقصور السياسي لسنة العراق.

فعلى الرغم من الحديث بأن النزاع الدائر في الأنبار بين المجالس والحزب الإسلامي يدور حول قائد الشرطة، إلا أن الصحيح والواضح أن الصراع يتركز على النفوذ والسلطة من قبل مجالس الصحوة التي تتسم بالبساطة والوضوح، والحزب الإسلامي الأكثر تنظيما والأشد تعقيدا.

بساطة ووضوح، مجالس الصحوة تتركز في عدم وجود أجندة سياسية واضحة لهم، وإن هادنوا سياسيا، فلا يهادنون على عروبة العراق، وهم أكثر وضوحا وادراكا لخطورة المطامع والتدخلات الإيرانية في العراق.

كما تتميز مجالس الصحوة بعداء واضح لتنظيم القاعدة والأصوليين، وحملوا، وما زالوا، السلاح ضدهم، وقدموا ضحايا من أبنائهم وشيوخهم. مجابهة المجالس للقاعدة، ودعمهم للأمن قادهم ليصبحوا حلفاء لواشنطن، بعد أن كانت الأنبار أحد أبرز معاقل المقاومة ضد الجيش الأميركي، وبالطبع فقد تغري الصحوة لعبة النفوذ، وهذه مسألة عشائرية.

أما الحزب الإسلامي العراقي فهو على العكس تماما، على غرار تنظيم الإخوان المسلمين، مهادن إلى درجة التماهي، لكنه خطر وقادر على الانقضاض بنفس مقدرته على التقية السياسية متى ما حانت الفرصة. فالحزب الذي تحالف مع الأميركيين أيضا، يريد احتكار السنة في العملية السياسية بالعراق، وصعود نجم العشائر وتحولهم إلى واقع يعد مزاحمة لهم.

انفجار نزاع بين المجالس والحزب يعني تقويضا لكل ما تحقق من أمن وازدهار تجاري، وانفراج سياسي في الأنبار. كما أن النزاع سيعصف بجهود عقلنة السنة في العراق، وهم الذين تخلفوا مطولا عن العملية السياسية بعد اسقاط نظام صدام حسين.

ولذا فإن وقع صراع في الأنبار، التي يقدر عدد سكانها بقرابة المليون ونصف المليون أو يزيد، ويتوافر فيها قرابة عشرين مليون قطعة سلاح، فذلك يعني انتكاسة شديدة لكل ما تحقق سياسيا وأمنيا.

فخطورة تفجر نزاع بين أبناء الانبار تكمن في أنه سيكون مدخلا سهلا للأيادي المغرضة التي ستجد في المنطقة ارضا خصبة لتقويض ما تم تحقيقه من أمن واستقرار في الأنبار، في الوقت الذي كان ينتظر فيه عودة السنة بشكل أوسع للمشهد السياسي العراقي.

ما تحتاجه الأنبار الآن هو زيادة في جرعة العقلنة السياسية من قبل الحريصين على العراق حتى لا تذهب كل المكتسبات سدى، في توقيت ملح لتفعيل مشاركة جميع الأطياف العراقية، بدلا من تغييب طرف على حساب طرف آخر، خصوصا أن هناك دولا في منطقتنا قوتها تكمن في انقسام خصومها.

[email protected]