الضحية رقم (1)

TT

لم تحظ قضية بقدر كبير من الجدل بقدر ما حظت به قضية قيادة المرأة السعودية للسيارة.. فمنذ سنوات والجدل يدور بين المؤيدين لقيادة المرأة والمعارضين لها، وكلا الفريقين ينظر إلى المسألة بقدر كبير من الحساسية، وكأنها أم القضايا، فالمؤيدون يرون في السماح للمرأة بقيادة السيارة ضرورة تفرضها متغيرات العصر، وظروف الأسرة، وحماية الأطفال من استغلال بعض السائقين، والمعارضون يرون فيها بوابة للاختلاط، والاحتكاك بالرجال، وخروج المرأة من البيت، ولكل فريق قائمة طويلة أيضا من الحجج والبراهين والمبررات الأخرى، ويكفي أن تضع في احد مواقع البحث على الإنترنت جملة «قيادة المرأة السعودية للسيارة» لتطالعك مئات المواقع المؤيدة والمعارضة، حتى أن أحدهم ألف كتابا بعنوان: «عشرون مفسدة من مفاسد قيادة المرأة للسيارة»، وآخر جمع عشرات الفوائد لقيادة المرأة، وباختصار فإن ثمة مساحة كبيرة من الضجيج على الشبكة العنكبوتية حول هذا الموضوع الاجتماعي الساخن الذي لم يحسم بعد.

والمتحمسات من النساء للقيادة لم ينتظرن حسم المسألة لتعلم القيادة بصورة نظامية، فغدونا نقرأ في الصحف بين حين وآخر عن ضبط امرأة هنا أو هناك تحاول القيادة، لكن أكثر تلك الأخبار إيلاما هو ما حدث مساء الجمعة الماضية، حينما حاولت فتاة في العشرين من العمر قيادة مركبة أخيها بسرعة جنونية في أحد شوارع العاصمة الرياض لتنتهي بانقلاب السيارة وموت الفتاة، لتصبح أول قائدة سيارة في السعودية تقضي في حادث مروري.

والمدهش ـ بحسب خبر للعربية نت ـ أن 98 ألف سيارة في السعودية مسجلة باسم سعوديات، وأن ربع السيارات في العاصمة الرياض مملوكة لسيدات، كما أشارت دراسة قامت بها مجلة «فوربز» قبل نحو عامين إلى أن 40% من مبيعات السيارات في السعودية تقررها المرأة.

ووسط الجدل بين المؤيدين والمعارضين ينتظر تجار السيارات بفارغ الصبر الوصول إلى قرار لرسم خططهم التسويقية، فبحسب بعض التقديرات الاقتصادية فإن المرأة السعودية مرشحة لإنفاق 2.5 مليار دولار في قطاع السيارات لو سمح لها بالقيادة.

وإذا كانت المدن عادة هي السباقة في التعامل مع المستجدات فإن ما يحدث في السعودية يكسر هذه القاعدة، فالمرأة في الكثير من بوادي السعودية تقود سيارتها منذ سنوات، عكس المرأة في المدينة التي تسببت مسألة قيادتها للسيارة في الكثير من الصداع للمؤيدين والرافضين معا، إذ لم يزل المسلسل «المكسيكي» الطويل بين الفريقين مستمرا.

[email protected]