السر أسفل «أبو الهول!»

TT

ظل العديد من الأجانب يرددون في السنوات السابقة أن هناك أسراراً مخبأة أسفل القدم اليمنى لتمثال أبو الهول، ومن ضمن مَنْ روَّجَ لهذه الإشاعات جماعة شهيرة في أمريكا ـ كتبت عنها من قبل ـ يطلقون على أنفسهم اسم «أتباع إدجار كيس»، وإدجار كيس هذا يسمونه «النبي الأمريكي». وقد قابلت ابن هذا الرجل، وكان معي صديقي الكاتب الكبير عزت السعدني، وحكى لنا قصة أغرب من الخيال عن والده، وكيف كان يشفي المرضى، وأنه كانت تنتابه حالات تعود فيها اليه روحه حيث كان الرجل (تخيلوا!) يعيش في القارة المفقودة (أطلانتيس). وبعد أن دمرت القارة طار الرجل الى مصر، وهو يحمل صندوقا صغيرا وضع به كل أسرار هذه القارة، وما وصلوا اليه من علوم وأسرار كونية. وقام مع المصريين منذ عشرة آلاف عام ببناء هرم الملك «خوفو» ونحت تمثال أبو الهول، ووضع هذا الصندوق أسفل قدم أبو الهول اليمنى لكي يحفظها الى الأبد. وخرجت مئات الكتب والمقالات التي تكتب عن الأسرار الدفينة أسفل أبو الهول، بل عرض فيلم قام بدور الراوي فيه تشارلتون هيستون، وكان حول أبو الهول وأسراره الدفينة. وكنت في محاضراتي ولقاءاتي أفند هذه الآراء وأنقدها. وكان السؤال الذي يوجه اليَّ دائماً أنه طالما أن أحداًً لم يقم من قبل بالحفر أسفل أبو الهول لكي يعرف ما إذا كانت هناك أسرار مخبأة وكنوز دفينة أم لا، فإنه لا يمكن نفي هذه الآراء!.. وكان من المستحيل بالفعل الإجابة عن هذا.. ولكن حدث ما لم يتوقعه أحدٌ حيث ظهرت المياه الجوفية أمام معبد الوادي الخاص بالملك «خفرع» (صاحب الهرم الثاني) بأهرامات الجيزة. وقام مركز هندسة الآثار التابع لكلية الهندسة ـ جامعة القاهرة بإجراء دراسات علمية لمعرفة مصدر هذه المياه. ووجدنا أن أبو الهول محاصرٌ بالترع والقنوات المائية والمباني العشوائية التي لا يوجد لها صرف صحي سليم، وبالتالي تتسرب منها المياه الى الآثار، وكان لا بد من الحفر أسفل أبو الهول، واستطاع العلماءُ أن يقوموا بإنزال ماكينة الحفر بجوار التمثال وتم حفر خمس حفرات؛ ثلاث أمام التمثال وبجواره، واثنتان خلف التمثال ونزلوا بعمق 20 متراً تقريباًًًً ولم يعثر على أيِّ أسرار دفينة أسفل أبو الهول عكس ما كان الأجانبُ ينشرونه في كل مكان. ولكن المهم هنا هو العثور على المياه الجوفية أسفل التمثال بحوالي 4.60 متر، وهو غير المنسوب الذي كان عليه أيام الفراعنة، فقد كان القدامى يعرفون وجود هذه المياه ويعرفون أن صخرة التمثال من أسفل في حالة سيئة جداًً لذلك قاموا بكساء جسم أبو الهول بالأحجار وعملوا التشريح الخاص بجسم الأسد على هذه الأحجار، ولم يخافوا من وجود المياه الجوفية لأنها لا تؤثر على الآثار، ولكن الخوف من المياه الملوثة التي تأتي من الصرف الصحي، وتكون محملة بالأملاح وتضرب في حوائط الآثار والمقابر وتحولها الى ما يشبه البودرة. وتأكدنا أنه لا خوف على أبو الهول، وأنه بخير. وكان هذا الموضوع فرصة لكي نثبت للعالم كله أن ما يقال عن أبو الهول وهرم «خوفو» هو تخاريف نطلق عليها «تخاريف أمريكية»، حيث أن منبعها غالباً ما يكون من أمريكا ثم ينتشر في أنحاء العالم.. والآن، وبعد أن شاهد كل الناس الاكتشافات الأثرية تبث على قنوات مختلفة؛ ومنها أسرار المومياوات والأهرامات، أعتقد أنهم نسوا هذه القصص الخيالية وبدأوا يعيشون في مغامرة حقيقية للكشف عن الآثار.

www.guardians.net/hawass