أوباما رجل المبادئ الموسمية

TT

سوف تلاحظ أن باراك أوباما يضع دبوسا يحمل العلم الأميركي على صدره. وهذه هي المرة الثانية التي يفعل فيها ذلك. ففي أثناء الحملات الانتخابية التمهيدية، رفض ذلك وعلله بأنه قد وضع دبوسا بعد أحداث 11 سبتمبر، لكنه توقف عن ذلك بعدما «أصبح بديلا عما أعتقد أنه الوطنية الحقيقية». فلماذا إذا يحمل كل هذا الخداع على صدره الآن؟ هل ترغب في معرفة الإجابة على ذلك؟ إن الانتخابات التمهيدية قد انتهت. ومع خوضه المنافسة الآن أمام جون ماكين، وحاجته الماسة إلى أصوات الطبقة العاملة التي لم يستطع الفوز بها أمام هيلاري كلينتون، فإن الدبوس قد عاد إلى صدره مرة أخرى.

وفي مقالتي الأسبوع الماضي، كنت أعتقد أنني قد أتيت على تناقضات أوباما وتخليه عن مبادئه ـ فيما يتعلق بالتمويل العام للحملات الانتخابية، والتنصت على المكالمات الهاتفية بعد أحداث 11 سبتمبر، والمحادثات غير المشروطة مع محمود أحمدي نجاد. وأعتقد أنني لم أفعل ذلك تماما، فقد كان ذلك مجرد بداية لسلسلة تناقضات أوباما.

ففي الأسبوع الماضي، عندما أعلنت المحكمة العليا عدم دستورية حظر حمل السلاح في كولومبيا، أعلن أوباما على الفور أنه يتفق مع ذلك القرار.

ومنذ أسبوعين، توقعت أنه بحلول اليوم الأول للانتخابات، فإن أوباما سوف يلغي كل الاختلافات الجوهرية بينه وبين ماكين بشأن الانسحاب من العراق. لكنني لم أقدر سخرية أوباما حق قدرها. فقد بدا أنه سوف يقوم بذلك في وقت أقرب بكثير مما توقعت. وسوف يستغل رحلته المقبلة إلى العراق ليخبر الجميع في نهاية المطاف بأنه يتخلى عن تعهده السابق بسحب جميع القوات من العراق خلال 16 شهرا.

لقد بدأ التحول بالفعل. فقد أفاد أخيرا بقوله: «الموقف الأصلي» حول الانسحاب كان دائما هو «أنه يجب علينا التأكد من سلامة قواتنا واستقرار الوضع في العراق». وأنه «عندما أذهب إلى العراق.. سوف يكون لدي المزيد من المعلومات وسوف أستمر في تعديل السياسات الخاصة بي».

وهو لم يذهب إلى العراق بعد، ومع ذلك، فقد بدأ التحول في موقفه. وكل ما تبقى، هو أن يقول إن الإطار الذي حدده وهو 16 شهرا ما زال هدفا له، ولكنه سوف يأخذ بالطبع في اعتباره الموقف الميداني وتوصيات الجنرالات لتقرير ما إذا كان الانسحاب مناسبا في الوقت الحالي أو بعد ذلك.

وبذلك، فإن أوباما الذي فاز بالانتخابات التمهيدية، وأوباما الذي فاز بأكبر عدد من أصوات الليبراليين في مجلس الشيوخ، سوف يختفي في ذاكرة النسيان.

إن استراتيجية أوباما واضحة. إن الأمة في حالة بائسة وتحتاج إلى التغيير. وهو وحزبه لديهما مزايا فيما يتعلق بالأمور الاقتصادية والمحلية. ولذلك، فإن أوباما يهدف إلى التحرك سريعا في المجالات التي لا يتميز هو أو حزبه بالشعبية الكبيرة فيها، مثل الأمن القومي والمشكلات الثقافية الكبيرة. ودون هذه الموضوعات، فإن الانتخابات سوف تكون قائمة على الشخصية والكاريزما. وفي هذه الحالة، فسوف يكون في الحلبة متنافسان: الشاب الأنيق الذكي في أحد ركني الحلبة، وفي الحلبة الأخرى الرجل العجوز. وليس هناك وجه للمقارنة.

وعلى أية حال، فهذا هو الأسلوب الذي فاز به على هيلاري. فقد كانت تتوقع الفوز بترشيح حزبها بسهولة. ومع ذلك، ففي أول مواجهة حقيقية، كانت تشعر بالألم والدوار. وقد ارتكبت هيلاري عدة أخطاء مميتة. فقد استبعدت كل الاختلافات السياسية والفكرية بينها وبين أوباما ـ وقد أصبحت محاولاتها اليائسة في تصوير الاختلاف بينهما على أنه اختلاف طفيف بشأن الرعاية الصحية، مثارا للسخرية ـ مما جعل المنافسة بينهما منافسة على الشخصية. وليس هناك وجه للمقارنة.

ومع محاولة أوباما الدؤوبة لطمس الاختلافات بينه وبين ماكين حول الأمن القومي والموضوعات الاجتماعية، فإنه يبقى واثقا من أنه بفشل بوش وتدهور الاقتصاد وشخصيته الجذابة، فإنه سوف يفوز بسهولة.

وبالطبع، فإنه بمجرد الوصول إلى البيت الأبيض، سوف يكون عليه تصور أفكاره الحقيقية. فهل هي مجموعة الأفكار المتحررة والجماهيرية التي كان يقدمها أثناء حملاته الانتخابية؟ أم إنها تراجعاته التي يقدمها ببراعة لنا حتى الآن؟

ليس لدي فكرة. فهل لديك أنت فكرة عن ذلك؟

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»