أيها الرجل، من أي فصيلة أنت؟!

TT

أردت أن أختبر مدى ذكائه، فقلت له: مع الأسف إن المستقبل لم يعد كما كان.

أجابني وهو يتنهّد متحسّراً: الله يرحم أيام زمان، كم كانت رائعة.

فأعطيته رأساً وبدون تردد علامة (صفر) في مادة الذكاء.

وأعطيت نفسي (10/10) في مادة الخباثة.

غير أن خُبثي هذا يتواضع عند خبث رجل بلغ من العمر عتيّاً، وقد قصّ لي حكايته أحد الأصدقاء الذي يقول: عندما كنت في آخر سنة للتخرج في المرحلة الثانوية، وفي ذلك الوقت كان أهلي قد خطبوا لي فتاة لكي أتزوجها بعد التخرج، وشيء طبيعي أن تكون هناك مكالمات ومراسلات بيني وبين خطيبتي التي هي بارعة في كتابة الرسائل وأسلوبها أخاذ وشاعري وكثيراً ما بثت لي فيها لواعجها.

وحيث أن جدي كان يسكن في منزل مجاور لمنزلنا، فقد حصل هناك التباس ووصلت رسالة من خطيبتي إلى منزله، وفي ثاني يوم، وإذا بأحدهم يوصلها إليّ وقد لاحظت أنها فتحت وأعيد لصقها.

غير أنني انتبهت أن على المظروف كتابة مخربشة عرفت أنها خط جدي، وجاءت فيها الملاحظة التالية: وصلت الرسالة بطريق الخطأ، وفُتحت من غير قصد، وقد استمتعت بقراءتها كثيراً. المشكلة أن خطيبتي في رسالتها تلك بالذات قد كتبت وتوغلت في أمور حميمة ومشتعلة وخصوصية جداً، وأصبح جدي بعدها كلما رآني ينظر لي ويلعّب حاجبيه ويبتسم لي ابتسامات كلها لؤم وخباثة.

وعندما أخبرت خطيبتي بما حدث انقطعت رسائلها عني نهائياً إلى أن تزوجنا، وحتى بعد أن تزوجنا كانت لا تقابل جدي إلاّ ورأسها بالأرض من شدّة الكسوف، في الوقت الذي يكون هو في أحسن حالاته، فيبدأ يلقي على مسامعنا بعضاً من أبيات شعر الغزل التي يحفظها. ولكي أوقفه عند حده ولكي يغير الموضوع كنت أطلب منه الدعاء لنا بالتوفيق والرفاه والبنين، فيأخذ يدعو لمدة لا تزيد على دقيقة أو دقيقتين على الأكثر، ثم يعود مرة أخرى لقصائد الغزل والغرام.

ولا أدري إلى الآن هل تلك الرسالة قد هيضت عواطفه، وجعلت (الفيوز) عنده تحترق، وأرجعته للأيام الخوالي؟!

هل يا تُرى أنه كان في حياته محروماً؟!، أم أنه قد أكل السمكة (وقطّع أبو ذيلها) ونحن لا ندري؟!

في ظني أن الاحتمال الثاني هو الأقرب.

* * *

روى لي أحدهم معلومة خطيرة سمعتها لأول مرة عندما قال: هل تعلم يا مشعل أن (95%) من الفراء أو الجلود التي تلبسها النساء قد أخذ من جلود الحيوانات الذكور؟!

عندها تبلّمت مشدوهاً وصامتاً لمدة لا تقل عن (ساعة ونصف) تقريباً، ثم جاوبته قائلاً: آه الآن فهمت، علشان كذا (!!). وذهب بي الخيال بعيداً، وأخذت أتذكّر وأستعرض بعض ذكور البشر الذين أعرفهم وقد سلخت جلودهم، فبعضهم كان من فصيلة الدببة، وبعضهم من الثعالب، وبعضهم من النمور، وبعضهم من الثيران، وبعضهم من الضباع، وبعضهم من النسانيس، وبعضهم من التماسيح، وبعضهم من الثعابين، وبعضهم من النعام، وبعضهم من غزلان الشموا.

أما أنا فأجزم أنني من فصيلة (السناجب) الفضّية اللون.

[email protected]