من نواكشوط إلى بيروت

TT

تعرقل تشكيل الحكومات في بلدين: موريتانيا ولبنان. المغرب الأقصى والمشرق الأدنى. قبليات الصحراء وقبليات الجبال. والفارق بين الأمرين عظيم. موريتانيا، ليست في حاجة إلى مؤتمر في الدوحة وقمة في باريس ورسالة «رئاسية» من مجلس الأمن وألف زيارة من الموفدين الأوروبيين وألف ابتسامة من العم بان كي مون، كي تشكل حكومتها، وتعين وزيرا للاشغال ووزير دولة لشؤون إصلاح الإدارة.

نحن، في لبنان، ثغر المشرق، ومهد الحضارات المتوسطية، وبلاد صيدا وصور وجبيل، لا نقبل أن نشكل حكومة كيفما اتفق. حجمنا الدولي لا يسمح بذلك. كل حقيبة وزارية في حاجة إلى مؤتمر إقليمي. وزارة الاقتصاد لها علاقة بالملف النووي الايراني. وزارة العمل مرتبطة بالمحكمة الدولية. وزارة السياحة، حلها في القرار 242 و338.

شهران ولبنان يبحث عن حكومة إلى ان وصل إليها بشق النفس والروح، انه بلد الوقت. لا تحل الأزمات والقضايا لكنها تحال على الزمن. والزمن طويل عريض. وفي لبنان المشكلة، هي الحل. أبطال الحرب هم أبطال السلم. المعارضون هم الحكم. الحاكمون هم طالبو السترة. رئيس الحكومة «المكلف» مكلف بمهمة واحدة: أن يعرف من يرضي ومن يغضب وكيف كلما ارضى أغضب.

كلفته الأكثرية وعلقته الاقلية. ومجلس النواب الذي ظل مغلقا طوال عام مدعو الآن لمناقشة التعطيل في تشكيل الحكومة.

شخصياً لا استبعد ان تكون موريتانيا وراء كل ذلك. لا تريد ان تكون لنا حكومة قبل ان تكون لها حكومتها. واحدة بواحدة. بلد المليون شاعر وبلد المليون وزير. بلد الجنرال ولد فال وبلد الجنرال ميشال عون. واحد سلم السلطة في الساعة والدقيقة المحددة، وواحد لا يزال ينتظر ان يتسلم لبنان. ولي عتاب صغير على الجنرال ولد فال (الجنرال عون لا يسمح بمعاتبته) فقد كتبت انه سوف يكون سوار ذهب آخر. وعندما سأله الزميل حاتم البطيوي عن ذلك صرف السؤال بحدة، قائلا انه يريد أن يكون نفسه، لا سوار ولا ذهب. لكن هذا لا يمنع يا مولانا أن سوار الذهب هو سابقتنا الذهبية الأولى في تاريخ طويل من المكوث العسكري والثبات الابدي في الحكم لا على الجبهة والأوسمة المطلية على الصدور من دون معركة واحدة، وفي أي حال عدنا وسبقنا موريتانيا. مبروك اذا صح التعبير.