ما الذي يجمع العرب بالأوروبيين؟

TT

حتى قبل ان يبدأ مؤتمر مشروع الاتحاد المتوسطي غدا حظيت فكرته بسخرية الصحافة العالمية، لأن لا شيء منه قابل للتحقيق. فقد سبقته مبادرة برشلونة التي اطلقت قبل 13 عاما، وحققت القليل، رغم تواضع طموحاتها بين الجانبين على البحر المتوسط، فما بالنا بمشروع اسمه غير واقعي، اتحاد. وقد راج ان الفرنسيين أصروا على كلمة اتحاد، من أجل إيهام فقراء المتوسط بأنه يوازي الاتحاد الأوروبي، رغم ان لا اتحاد فيه. وسبب سخرية الصحافة الأوروبية تحديدا، لانها ترى أن لا شيء يوحد بين 27 بلدا اوروبيا و17 بلدا عربيا وآسيويا وأفريقيا، فهو تجمع المتناقضات. المواطن المغربي يحصل ما معدله الفي دولار في السنة، مقابل 45 ألف دولارا لجاره الفرنسي. الجنوب يبعث بالاف المهاجرين والشمال يطردهم. والفروقات الأخرى كثرتها تبلط البحر المتوسط.

أفكار الأوروبيين تختلف جملة وتفصيلا عن عرب المتوسط. مثلا يريدون نقاش تنظيف البحر المتوسط في حين لا تجد دولة عربية واحدة يهمها نظافة البحر، وهي التي تتكاسل في تنظيف مدنها. أوروبا تتحدث بحماس عن استخدام الطاقة الشمسية والبديلة للنفط، في حين أن أهم دول المتوسط الجنوبية تعيش على بيع النفط، ولا يهمها، في الوقت الحاضر، تطوير بدائل للطاقة. كما لا يوجد عند الجنوبيين صناعات ضخمة، ولا من ثاني اكسيد الكربون، ما يستحق أن يناقشوه في حماية البيئة أو بدائل الطاقة. كلمة اتحاد مزحة والمؤتمر لا جدول حقيقي له. هذا عدا عن الخلاف السياسي، بوجود إسرائيل على الطاولة، الذي يشك العرب بأن المؤتمر كله مؤامرة لجمعهم مع الإسرائيليين في نفس الغرفة. الى جانب الفوارق الرئيسية التي تجعل اسم اتحاد لا يليق لأي من الجانبين، فالانظمة الشمالية ديموقراطية، والانظمة الجنوبية شمولية، وكل ينظر الى الآخر بطريقته الرافضة.

الشيء الوحيد الذي سيجد ترحيبا من قبل الدول الـ17 الجنوبية هو الدعم الذي تتطلع اليه دول الـ27 الشمالية، لكنها تريده مالا، ونقدا، وبدون محاسبة. وعلى الأرجح لن يوجد له أثر بعد منحه، حيث يكثر الفساد وتقل المحاسبة.

الاتحاد المتوسطي، من اسمه الخاطئ، الى أفكاره المطروحة، لم يجد حماسا، ولن يجد تعاونا، ولن يبقى له سوى الذكرى بعد ان يغادر الزعماء القاعة، لكن الفكرة، اي فكرة التعاون ستعود مرات لاحقة. فدول المتوسط خليط غريب من الانظمة والاعراق واللغات والمشاكل ويمكن للاعضاء الكبار في النادي، ممثلين في الاتحاد الاوروبي تحقيق ما هو واقعي.

الطريقة التي اخترع فيها الاتحاد من قبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عند انتخابه جعلته مشروعا دعائيا شخصيا له، ولم يحظ باهتمام الاوروبيين الآخرين، ولم يتمكن منظموه من انجاز فكرة واحدة مفيده تعطي انطلاقته قيمة حقيقية لمنطقة بالفعل في حاجة لعلاقة إصلاحية جادة لا افكار دعائية مل منها الناس.

[email protected]