لا لتوقيع الاتفاقية.. لأنها تعيد العراق إلى عهد الانتداب

TT

إذا كان البعض من ساسة العراق، يعتقد أن الخير في عقد الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الامريكية، فإنه على وهم كبير.. لأن تجربة السنوات الخمس الماضية، اكدت للجميع، وبما لا يقبل الشك، ان سبب الدمار والنكبات التي حلت بنا، هي السياسة الهوجاء للولايات المتحدة الأمريكية وتخبطها في ادارة شؤون البلد والقرارات الجائرة والخاطئة، منذ ادارة شؤون الحكم من قبل الحاكم المدني السيئ الصيت بريمير وحتى هذه اللحظة.

كما ان سياسة لوي الذراع التي تمارسها امريكا على الحكومة العراقية المنقوصة السيادة، وفي ظل اجواء غير متكافئة تجعل من هذه الاتفاقية ورقة انتداب ثانية تعيد لنا سلوك الاحتلال البغيض، من دون ان يتحرر العراق من فقرات البند السابع، الذي مازال يصنف العراق من الدول المارقة، التي مازالت تشكل تهديدا للأمن الاقليمي والدولي.. كما ان تجميد الولايات المتحدة الامريكية لأرصدة عراقية تبلغ 50 مليار دولار، وتهدد بمصادرتها من خلال تلميحات بعض ساستها ماذا يعني كل هذا؟

ان ديمقراطية الاحتلال القادمة عبر المحيطات، افرزت لنا حالة قد تكون سابقة خطيرة.. بل هي اسوأ وأخطر ما عاشه شعب ووطن في التاريخ الحديث.. وان هذه الديمقراطية ومن يؤيد نهجها البغيض، وبالصورة التي نعيشها، أفرزت لنا آلافا من الشهداء.. وآلافا من الجرحى والمعوقين.. وخمسة ملايين أرملة.. ومليون طفل يتيم وملايين العراقيين المهجرين ما بين الخارج والداخل.. ودمارا شاملا للبنى التحتية وسوء الخدمات.. ومليارات الدولارات اختفت في موجة منظمة من الفساد الاداري والمالي، فهل تستحق امريكا الآن وبهذا الوجه القبيح، ان نبرم معها اتفاقا يتعلق فيه مصير شعب ووطن وامة، وان تُفرض علينا شروط لا يقبلها من كان يملك مقدارا ضئيلا من العقل والضمير الوطني والحس القومي.

ونحب ان نؤكد للجميع، اننا نريد الخير لعراقنا وأهلنا وأننا نرحب بأي اتفاق سوي، أو معاهدة متكافئة مع أمريكا أو غيرها، فالعراق بحاجة ماسة للتكنولوجيا الحديثة والعلوم.. والبحوث الزراعية والاقتصادية.. نحن بحاجة ماسة لتطوير صناعتنا الوطنية النفطية.. ولكن وفق شروطنا وما تمليه علينا ضمائرنا وحفظ كرامة بلدنا وأهلنا.. لا كما يتمنى البعض أن يبيع العراق، وأن نكون أدوات تحركها السياسة الأمريكية أو الاقليمية وفق نظرة احادية الجانب. ان الاتفاقية ونقولها بكل وضوح لن تمر من دون مراجعة بنودها، ومن دون سعي الولايات المتحدة لرفع العراق من البند السابع وحماية العراق وامواله من المتربصين، الذين ينظرون هذه اللحظة لكي يطالبوا بتعويضات هيأتها لهم بالاساس الولايات المتحدة الامريكية.

ولن تمر هذه المعاهدة من دون استفتاء شعبي عليها.. ولن يعود العراق الى عهد الانتداب مرة أخرى، ولن تكون هناك (مسز بيل) جديدة وبقناع مغاير.. ونريد أن نسأل لماذا التوقيت الآن وقبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي جورج بوش وبقاء عام واحد على ولاية المالكي رئيس وزراء العراق؟.. وان الاسراع والضغط لتوقيع هذه الاتفاقية وبهذه الفترة المحددة يطرح للجميع العديد من التساؤلات المثيرة للريبة والشك.. وإنا لا نرغب في توقيع مثل هكذا اتفاقية مشبوهة.. ونقولها نعم لتوقيع الاتفاقية حين تخدم مصالح العراق ارضا وشعبا وسيادة، وعندما تكون النية صادقة لتحقيق مصلحة حقيقية للعراق، وتخدم بالمحصلة مصلحة امريكا، وليس على حساب مصلحة العراق الذي اراد البعض أن يجعله طرفا في صراع الحزبين الجمهوري والديموقراطي للوصول الى البيت الابيض.

وفي النهاية نقول ونؤكد لا لتوقيع الاتفاقية.. أي اتفاقية مع امريكا العدو الأول للعراق الآن.. ولكن نعم لتوقيع الاتفاقية مع الولايات المتحدة الامريكية، عندما تكون صديقة للعراق وللشعب العراقي، وليس لحكومة طائفية حكمت العراق بامتياز من الولايات المتحدة الامريكية.

* رئيس الكتلة العربية للحوار الوطني في العراق