«نادي».. ولا أحد يسمع‌!

TT

الأندية المغلقة والخاصة لا تحظى بكثيرٍ من حسن الظن ولا التقدير الجيد، بل على العكس تماماً، فهي غالباً ما يُنظر إليها بالكثير من الشك والريبة والقلق. ولعل أبرزَ هذه «الأندية» هو اجتماع الدول الثماني، الذي انعقدَ أخيراً في اليابان، فهذا النادي بلغ من المكانة والغرور أن عزل نفسه عن مجريات الأمور عالمياً. وهذه المؤسسة الدولية أو هذا النادي لا يضم في عضويته الصين ولا الهند ولا البرازيل ولا المكسيك ولا كوريا الجنوبية، وهي جميعا اقتصادات في غاية الأهمية وبالغة التأثير، ولذلك بدت هذه الاجتماعات في اليابان وكأنها أشبه بحكام إمبرياليين ومستعمرين يتحدثون عن «مصير» العالم بدون أن يكون للعالم صوت، فهم يتحدثون عن معاقبة حكومة رئيس زيمبابوي روبرت موغابي بدون وجودٍ لأي دولة أفريقية (باستثناء الجزائر التي وجهت إليها دعوة خاصة)، ويتحدثون عن مشاكل العالم المناخية والاحتباس الحراري دون أن يكون للصين (المتهم الأكبر في نظر الدول الثماني) حق الدفاع أو التعليق، ويتحدثون عن كبح جماح أسعار النفط المتصاعدة دون أن يكون للدول المنتجة للنفط إمكانية الحديث عن المسؤولية الحقيقية في هذا الارتفاع لسعر النفط. الدول الثماني هي نموذج حي للعالم القديم ومؤسساته التي شاخت وهرمت وتعبت، وتتبعها في ذلك منظمات أخرى مثل الأمم المتحدة نفسها ومجلس الأمن فيها، وكذلك وكالة الطاقة الذرية (التي تخالف أنظمتها إسرائيل ولا تستطيع الوكالة نقدها ولا الكشف عن منشآتها). العالم، وتحديداً اقتصاداته الناشئة ستكون لها ردة فعل وحراك باتجاه تأسيس كيانات بديلة (هناك حديث متزايد عن مجموعة الـ16)، وذلك من أجل تمثيل أكثر واقعية وأكثر عدلا وأكثر عقلانية، يخرج إدارة العالم من عقلية المستعمِر إلى عقلية المستثمِر، وشتان الفارق ما بين هذا وذاك. البرازيل وتركيا والمكسيك والصين والهند تقود حراكاً بالغَ الأهمية لإنشاء كيانات دولية بديلة، مستغلة نفوذ هذه الدول المتصاعد على الساحة الاقتصادية ونمو مداخيلها بشكلٍ بات له أن يمنحها التأثير والمكانة التي تؤهلها لاستحداث سياسات وتشريعات دولية، وقد يكون هذا هو تحديداً ما ينشده العالم ويحتاج إليه بعد غياب القطب الثاني وهيمنة معسكر واحد بلا منافس، مما أدى إلى قرارات تفتقد إلى الحكمة والاتزان ترتب عليها اختلال موازين القوى العالمية وتدهور اقتصادي. عقلية الدول الثماني هي عقلية من عصر قديم لا مكان لها اليوم قط.

[email protected]