لا تنتظروا الكثير من حكومة لبنان

TT

لم يأت التشكيل الجديد للحكومة اللبنانية بأي مفاجأة، بل جاءت الحكومة مشابهة لواقع لبنان، وتعكس بوضوح وضعه السياسي المعقد، ذا الولاءات الخارجية. كما أن ما سميت بحكومة الوحدة الوطنية اللبنانية لا يمكن أن يعول عليها كثيرا.

رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة صرح قائلا بعد إعلان التشكيلة الحكومية إن «هذه الحكومة لديها مهمتان أساسيتان وهما إعادة الثقة في النظام السياسي اللبناني.. وتأمين إجراء انتخابات نيابية بشفافية».

والحقيقة أنه من الصعب إعادة الثقة في النظام السياسي، وإجراء انتخابات نيابية بشفافية في لبنان، خصوصا مع هذه الحكومة. فكيف تعاد الثقة للنظام السياسي والمعارضة تملك حق الفيتو بقيادة حزب الله الإيراني، الذي يفاخر زعيمه بأنه فرد في حزب الولي الفقيه، مما يخول المعارضة حق تعطيل كل ما لا تريده، أو ما لا تريده طهران.

الحكومة اللبنانية ضمنت حتى للسوريين مقعدا في تشكيلها الجديد، على الرغم من قول الرئيس السوري بشار الأسد بأن لا نية لبلاده في العودة إلى لبنان عسكريا، فإنه بالطبع يريد العودة بشكل آخر، حيث أن الواقع يقول إن سورية موجودة بالأصل عبر أتباعها في لبنان، وحزب الله ليس من بينهم بالطبع، فقد بات بين الحزب الإيراني ودمشق حاجز كبير من الشك، لكن الأهم أن للسوريين وزيرا في الحكومة الجديدة وهو علي قانصو الرئيس السابق للحزب السوري القومي الاجتماعي، وأحد المشاركين في اجتياح بيروت في انقلاب السابع من أيار.

هذا ما يخص إعادة الثقة بالنظام السياسي، أما فيما يختص بالشفافية في الانتخابات النيابية فهذه لا تعدو أن تكون مجرد أحلام. لبنان اليوم غير لبنان السابق منذ أن استخدم حزب الله الإيراني السلاح في الداخل، وأصبح القوة الوحيدة على الأرض.

إعادة الثقة في النظام السياسي اللبناني، وتأمين إجراء انتخابات نيابية بشفافية أمران لن يتحققا وفق الوضع الإقليمي الحالي على الإطلاق، فالمسألة الآن باتت أكبر من لبنان.

ولذلك فعلى اللبنانيين تصبير أنفسهم بهذه الحكومة الشكلية التي قد لا تصمد مطولا، حتى ان تحسم الملفات الكبرى في المنطقة، وأبرزها الملف الإيراني، وما قد يصل له من حرب أو سلم. كما أن على لبنان انتظار ما سينتج عنه الرقص بلا لمس، كما قال لصحيفتنا مصدر سوري، بين دمشق وواشنطن.

ومن يدري فقد تتطور الحالة السورية الأميركية بسرعة دراماتيكية إلى عناق وقبل، وقد تكون إسرائيل أحد الشهود، إضافة لفرنسا وتركيا! حيث يبدو أن كثرا في منطقتنا بدأوا الآن يصدقون، متأخرين، بأن دمشق قررت أن تنفذ بجلدها من حليفها إيران.

ملخص الحديث أنه لا يمكن لهذه الحكومة اللبنانية فعل الكثير، أو حتى الصمود، إلى أن تتضح الرؤية حيال ما سيؤول إليه الوضع الإقليمي، المرشح لتقلبات كبيرة جدا، يبدو أنها قريبة.

[email protected]