99 لا مائة

TT

لم يعش مايكل دبغي إلى المائة، مع أنه قال قبل عقدين إن من يهتم بضغطه ومستوى السكر يمكن أن يقلب القرن وهو يتفرج عليه. عاش 99 عاما، كان يخجل في بداياتها من أصوله، لذلك قلب دبغي إلى ديبيكي، ولكن كيف يمكن أن يموّه جذوره بأنف مثل أنفه ووجه مفلطح مثل وجهه وعبقرية استثنائية جعلت منه «قائد أوركسترا الشرايين» كما لقبه عالم أميركي آخر.

قبل نحو 30 عاماً، وكان قد تأكد من أنه أصبح رائد جراحة القلب في التاريخ، أقر دبغي، ابن المهاجر من حاصبيا، أنه من هناك. وكان لبناني من فلوريدا يدعى أنطوني ابراهام، صاحب أكبر وكالة «شفروليه» في أميركا، قد آل على نفسه أن يجمع ذوي الجذور اللبنانية من الناجحين في أنحاء القارات. وقيل له إن جراحاً أشرف على عمليات لجون كينيدي وريتشارد نيكسون وليندون جونسون، ربما يكون من أصل لبناني. ولما رأى ابراهام أن أنف دبغي يشبه أنف صديقه الممثل داني طوماس تأكد أنه لا يمكن أن يكون شيئا آخر.

ظل مايكل دبغي يحلم بأن ينال نوبل الطب كما نالها اللبناني البريطاني بيتر مدور، لكنها ظلت بعيدة عنه، مع أن له في ذمة الجراحة 70 اختراعا بدأها عام 1932 حتى قبل تخرجه. والى ذلك أجرى نحو 50 ألف عملية قلب، بينها الإشراف على الجراحة التي أجريت لبوريس يلتسن.

وفي السنوات الأخيرة كان العالم العظيم يأتي إلى لبنان كلما رأى أن الوضع السياسي يسمح للبنانيين من مرتبته بزيارة بلدهم الأم. ومثل جميع اللبنانيين كان يروي حكاية الأم والأب اللذين عرفا الجوع من أجل أن يتعلم الابن. وأكثر من المفاخرة بجذوره كما فعل السناتور جورج ميتشل الرجل الذي مهد للمصالحة التاريخية في ايرلندا، والذي طالما تحدث عن الفطائر التي كانت تصنعها أمه في الفرن الذي يملكه الوالدان.

رعى دبغي في لبنان نشاطات جامعية كثيرة وتبنى نشاطات أخرى. ووضع نحو ألف دراسة وتقرير ومحاضرة وكتاب حول الحقل الذي كان أبرع علمائه وأكثرهم مثابرة وأطولهم عملا. وعندما سئل مرة عن شعوره وهو يجري عملية على المشاهير والكبار قال: «ما أن يغرز المبضع تحت الجلد حتى يتشابهوا جميعا، ولا نعود نعرف من هو الشهير ومن هو الفقير».