سبعينات قرن مضى

TT

يذكرني ما اقرأه في بعض الصحف العربية بأقلام بعض الصحافيين حول قياس المسافات بين مرشحي الرئاسة الأميركية وبين العرب وإسرائيل، يذكرني ببعض، وربما بكل ما كنت أكتبه من أميركا أوائل السبعينات حول هذه المسألة. وبما أنني لا أحب أن أتذكر ما كتبت، لا أميل اليوم كثيرا إلى قراءة هذه السطحيات التي يعتقد أصحابها أن براك أوباما سوف يقرر مواقفه من القضية الفلسطينية استنادا إلى هذه الضحالة المتراكمة في عدم قراءة أعقد جزء من سياسة أميركا الخارجية: علاقتها بالعالم العربي ومدى ارتباطها بسياساتها الداخلية، التي نختصرها، من أجل راحة البال ولكي لا يفوتنا موعد النارجيلة التالية، بنفوذ اللوبي الصهيوني. أي نفوذ مائة رجل على 300 مليون إنسان، عندهم 1500 جامعة، ويحتكرون نصف علوم الأرض واختراعاتها وكتبها. على الأقل.

إننا نحاول تبسيط مسألة لا يحاول أحد سوانا تبسيطها. المفكر الأميركي والتر راسيل ميد يقول إن الأميركيين تعاطفوا في الأساس مع فكرة قيام إسرائيل لأنها تشبه إقامة أميركا: إبادة السكان الأصليين واحتلال أرضهم وبيوتهم. وعندما قرر هاري ترومان الاعتراف بإسرائيل (فعل ذلك بعد 11 دقيقة من إعلانها) كان المعترض الأول وزير خارجيته جورج مارشال. وكان عدد كبير من الأميركيين يرفض الفكرة. لكن كبير المستشارين في البيت الأبيض كلارك كليفورد قرأ أمام حكومة ترومان الفقرة التالية من التوراة: «لقد بسطت أمامكم الأرض. اذهبوا وتملكوا الأرض التي وهبها الرب لآبائكم إبراهيم واسحق ويعقوب، التي أعطاها لهم ولبذراهم من بعدهم».

كتب ثيودور روزفلت الذي انضم إلى المسيحية الصهيونية مثل ابن عمه فرانكلين وزوجته اليانور، عام 1918 «يبدو لي أنه من المحق تماما أن نبدأ دولة صهيونية حول القدس». وعندما التقى ستالين في يالطا قال له الأخير إنه صهيوني هو أيضا (بحسب والتر راسيل ميد) وفي أيار 1947 أعلن وزير الخارجية السوفياتية اندريه غروميكو أمام الأمم المتحدة تأييد بلاده لقيام دولة يهودية.

بعد مجيء جورج بوش و«المحافظين الجدد» اكتشفت الصحف العربية «المسيحية الصهيونية» السائدة في أميركا منذ القرن التاسع عشر على الأقل. وكتبت في المسألة مقالات كثيرة. ويخيل إليّ الآن أن براك أوباما لا ينام. خي. بيستاهل.