الحوار خير من الكراهية

TT

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يشارك اليوم في العاصمة الإسبانية مدريد أكثر من مائتي شخصية عالمية من أتباع الرسالات الإلهية والثقافات والحضارات، ممثلين لقرابة أربع وخمسين دولة، في أعمال المؤتمر العالمي للحوار.

أهمية الحوار تكمن في أنه محاولة جادة لتكريس ثقافة الحوار بين أصحاب الأديان السماوية، وكانت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي على حق وهي تقول إن المؤتمر «لا يهدف إلى وحدة الأديان أو التوفيق بينها.. حيث أن الاختلاف واقع بإرادة الله ووفق حكمته، وإنما الهدف من المؤتمر التعارف والتعاون على أمل الوصول إلى تحقيق التعايش الإيجابي».

ثقافة الحوار هاجس كبير لدى الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث يركز الملك كثيرا على أهمية الحوار. فالملك عبد الله هو الذي أطلق الحوار الوطني السعودي على كافة المستويات، ونتج عن الحوار كسر لحواجز نفسية كانت تعد أمرا محظورا، لا يجرؤ أحد على ملامسته في السعودية.

اليوم نرى قناعة الملك عبد الله بأهمية الحوار تتطور إلى حوار بين الأديان، تكمن أهميته في كسر حاجز التباعد، ونزع فتيل الاحتقان الديني الذي يعصف بالعالم بعد موجة الإرهاب العالمي. فاليوم نرى فوبيا من الإسلام تنتشر في أوروبا، وخطرها لا يقل عن خطورة ما يروج له بعض المسلمين المقيمين في أوروبا أنفسهم حيث أنهم يعيشون في مجتمعات يكنون لها العداء. فائدة الحوار أنه يضع الآخر أمامنا، ويضعنا أمام الآخر، وجها لوجه. كما أنه يكسر عزلة واقعة لأسباب عدة أبرزها الجهل بالآخر، والخوف من الظهور بمظهر الاعتدال، للأسف، وكأن الاعتدال خطيئة! ويكفي التبصر في حوادث فردية كادت تحدث نكبات، حيث مررنا بأزمة الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، والأفلام المسيئة للإسلام.

كما أن هناك خطرا يتهدد بعض الدول العربية حيث التحريض على بعض أبناء الوطن الواحد من أبناء الديانات السماوية الأخرى، مما ينذر بشر كبير. بعض هذه القضايا لا يتم التطرق إليه في وسائل الإعلام العربية، خشية التحريض والعواقب الوخيمة.

واليوم ومن خلال مؤتمر مدريد، تحت رعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز، سيفتح باب واسع لمناقشات متخصصين يتناولون قضايا ملحة وحرجة، لا جدوى من تجاهلها، فقد بات هناك احتقان ديني لا يستهان به، خصوصا مع ثورة وسائل الإعلام والتكنولوجيا.

بتنا نرى ونسمع دعاوى تحريض مهولة، تدخل البيوت، وتصل إلى عامة الناس، ولا طريق إلى صدها، فخير من الرقابة والزجر، تشجيع الحوار الذي بدوره سيقود إلى مزيد من المعرفة والاحترام.

ولذا فان المؤتمر مهم جدا، وبادرة تحسب للملك السعودي، كيف لا وهو خادم الحرمين الشريفين، ويأتي انعقاده في وقت نحن في أشد الحاجة فيه إلى الحوار والتواصل، فإن لم يفعل العقلاء ذلك، فإن المحرضين، ودعاة الكراهية لا يتوانون أبدا عن بث سمومهم مستفيدين من ثورة التكنولوجيا.

[email protected]