يا أي إنسان كل سنة وأنت طيب!

TT

كم واحداً من الذين يقولون لك: كل سنة وأنت طيب، يقصدون هذه المعاني؟! إن هذه التحية تخرج من أفواه كأنها طوب وزلط يصيب ولا يخيب.. وتخرج من أفواه كأنها نوع من السعال.. وتخرج من أفواه كما يخرج العطر من الزهر أو الضوء من القمر.

إن لم تجد أحداً يقولها لك من كل قبله.. فقلها أنت لنفسك، قل: كل سنة وأنا طيب، فأنت تستحق أن تقول هذه التحية، فأنت أحب الناس إلى نفسك وأقرب الناس إلى نفسك!

وإن كان هناك من الناس من يحبونك أكثر من نفسك ويتمنون لك الحياة أكثر مما تتمناها لنفسك ويحلمون بسعادتك أكثر مما تحلم بها أنت.

إن كنت أباً فأولادك يحبونك أكثر ويتمنون لك أجمل وأروع ما في هذه الدنيا.. بسبب أنك أب كريم.. وبسبب أنك قدمت وأعطيت وضحيت.. وإن كنت زوجاً مخلصاً حنوناً فزوجتك تتمناك لنفسها أبداً، وتتمنى لك أن تكون أغنى الناس وأقواهم وأكثرهم قدرة على الحنان الذي هو أعمق من الحب. وإن كنت ابناً فلا يزال مستقبلك أمامك.. ولا تزال السنوات طويلة تنتظرك. وإذا كانت السنة الماضية قد مضت بدون أن تشعر بها، فلتكن سنتك الجديدة أجمل وأسعد، ولتكن خطوة نحو مستقبل باهر بإذن الله.

ولا علاقة للسنين بإحساسنا بها.

فالسنوات تمضى، وهي أحياناً تتطاير كالتراب تحت أقدامنا ويجئ العمر فيكنسها ويكنسنا.

وهناك سنوات كالشوك ندوسه ويوجعنا ونوجع به الآخرين.. إنها سنوات كالشوك بغير ورد.. فاللهم اجعل سنواتنا القادمة ورداً بغير شوك.

وهناك سنوات كعقارب الساعات التي في أيدينا.. تمضي وتدق بنا وتدور حولنا وندوخ معها بدون أن نتقدم.. ومن بين هذه السنوات أيام كعقارب الثواني تمضي بسرعة وأسابيع مثل عقارب الدقائق تمضي على مهل وشهور مثل عقارب الساعات ثقيلة كأنها لا تتحرك.. إنما تتمنى لك أياماً تمشي على مهل حتى تتمتع بكل لحظاتها.. راحة بال وهناء نفس وسعادة قلب ونور عقل.

أيا كانت سنتك الماضية وأيا كانت أوجاعك وآمالك وأحلامك التي تحقق بعضها أو أكثرها فاجعل يومك وليلتك ونهاية سنتك الماضية لحظة نسيان وغفران.. انس كل من أساء إليك واغفر له فالله غفور رحيم.. وانتقل إلى عامك الجديد بقلب جديد وأمل جديد.. وكل سنة وأنت والذين تحبهم والذين يحبونك سعداء وفي سلام. فالسعادة هي سلام بينك وبين نفسك وبينك وبين غيرك وبينك وبين ربك.

فإذا لم يكن سلام في عامك الذي مضى فليكن في عامك الذي سوف يجئ.

ولتكن سنتك القادمة بإذن الله أجمل سنوات حياتك الماضية، وأولى السنوات السعيدة في عمرك الطويل.. آمين!