أفريقيا بعد قمة لوساكا

TT

لا بد ان يحمد لافريقيا وهي تودع منظمة الوحدة الافريقية التي عقدت آخر قممها في لوساكا قبل ايام كونها حافظت على هذه المنظمة لمدى اربعة عقود من الزمان، وواظبت على عقد قممها على التوالي حتى بلغت سبعا وثلاثين قمة، كما ان جهودها المتواصلة اسهمت بقدر وافر في تحرير كل القارة من ربقة الاستعمار وان كان حظها في تحقيق الوحدة لم يتجاوز حلم الآباء الذين عكفوا على تأسيسها بل في بعض الاحايين غطت حروبها المستعرة على ذاك الحلم حتى بدا ان الوحدة لم ينضج حتى مجرد الحلم بها! وتشكر للمنظمة وقفاتها الجليلة في معاضدة القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية، فقد كانت على الدوام في مستوى ما هو مطلوب وما يستوجبه التواصل العربي الافريقي. فخلال الاربعة عقود التي خلت لم يصدر عنها الا كل ما يصب في دعم وتمتين العلائق العربية الافريقية. ولذلك كانت على الدوام محل تقدير واحترام العالم العربي.

والان اذ تمر القارة بمرحلة الانتقال من مسمى منظمة الوحدة الافريقية الى اتحاد الدول الافريقية فالمأمول ان يتم الانتقال بيسر ويتعدى الهيكلة الى العمل الجاد في طريق وضع اللبنات الصلبة لما يفضي الى الاتحاد المنشود. فالقارة تحتاج الى لملمة جراح حروبها المزمنة والى تجاوز نزاعاتها الحدودية والى ارساء دعائم الشفافية ومكافحة الامراض المستوطنة التي في مقدمتها «الايدز» و«الايبولا» و«الملاريا» كما ان على قادتها ان يسرعوا من وتيرة تطبيق النهج الديمقراطي واحترام حقوق الانسان، فالخطوات التي مشوها حتى الآن مدعاة للتفاؤل لكن الدفع بهذا الاتجاه بسرعة هو صمام الامان لبداية النهضة المرتجاة ولجعل العالم بمؤسساته الدولية يقابل هذه الخطوات بما يتكافأ والشروط المطلوبة، إنْ باتجاه رفع الديون التي تثقل كاهل القارة او تقديم المعونات والقروض او الدخول في شراكات مجدية.

والعالم العربي على وجه الخصوص، لخصوصية العلاقة مع افريقيا، ينبغي ان يتابع ويساعد القارة وهي تمر بمرحلة مخاض جديد علما بان الجامعة العربية تحاول الآن جاهدة ان تجدد دماءها وهياكلها ومسارها فعسى ان تضع في سلم اولوياتها ما يوطد ويدعم العلاقات العربية الافريقية وهي علاقات يلزم ان تزداد رسوخا وقوة في المرحلة الراهنة وفي المستقبل.

حقا، ان افريقيا تمر بمنعطف كبير والكل يتساءل: ماذا بعد قمة لوساكا؟ فالبعض يخشى من التفكك، والبعض غارق في احلام الوحدة وبين هؤلاء واولئك يبقى رصيد المنظمة الراحلة صمام امان لتتحسس افريقيا خطاها حتى لا تنزلق الى نفق اكثر ظلاما، او تندفع فتذهب احلامها مع الريح.