السيادة أم العدالة!

TT

الرئيس السوداني عمر البشير متهم رسمياً بجرائم حرب وبجرائم ضد الانسانية في إقليم دارفور بحسب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة.

المدعي العام طلب مذكرة توقيف بحق البشير ومصادرة أرصدته وأملاكه.

للخبر دلالات كبرى سياسية وقانونية وهي دلالات بدأت تظهر في الداخل السوداني وعبر مواقف رسمية عربية كثيرة.

والخبر أحدث أيضاً إرباكا في كيفية تعاطي الإعلام العربي عموماً والرسمي منه خصوصاً مع معضلة اتهام رئيس دولة عربية بما اتهم به البشير، الذي بات أول رئيس دولة توجه إليه المحكمة الدولية اتهامات من هذا النوع بعد رئيسي ليبريا تشارلز تايلور ويوغوسلافيا السابقة سلوبودان ميلوسفيتش.

من جهة، يشكل الاتهام سابقة على المستوى العربي كان من المفترض أن يفضي إلى تسابق الصحافة على الوصول إلى حيثيات القرار قبل التسابق على إدانته.

القول بأن المدعي العام الدولي لويس أوكامبو استهدف سيادة السودان قبل أن نتحقق من الحيثيات التي اعتمد عليها أوكامبو في ادعائه يبدو قولاً ضعيفاً وتعوزه حساسية مهنية أولاً.

الأرجح أننا في الإعلام العربي حيال ورطة لن تكون الأخيرة على ما يبدو.

استهداف رئيس جمهورية عربية بقرار ظني أو بتهمة خطيرة من نوع تلك التي وجهت للبشير قد يعني أنه استهداف بلد لكنه استهداف للسيادة بالعدالة.

التصدي للقرار يجب ان يسبقه اثبات عدم عدالته، أما أن تتقدم السيادة على العدالة فهو أمر فيه الكثير من الافتئات على حقوق جماعات وضحايا قدروا بعشرات الآلاف وهم لا يزالون في مخيمات ولا دلالات فعلية على معالجة محنتهم.

نحن في الإعلام العربي في ورطة لأن المهنة طبق يقدم متى لزم على مائدة السياسة.

ربما لا يساعد قرار المحكمة الجنائية على مراجعة تجربة الإعلام العربي في تغطية مأساة دارفور إذ قد يبدو انتقاد هذا الدور منسجماً مع قرار المدعي العام الدولي وهذا ما لا طاقة للإعلام العربي على ادعائه. لكننا وفي غير سياق تبني القرار أو رفضه لا بد لنا من الإشارة في مناسبة كهذه إلى تقصيرنا في تغطية مأساة الدارفوريين وتقصينا لحقيقة محنتهم وأسبابها الفعلية.

الرئيس عمر البشير سيجد من يدافع عنه وربما ينجح في اجتراح مواجهة لصالحه في قضية القرار الظني بحقه وهذا ما بدأت ملامحه تتجلى سريعاً عبر سيل المواقف المنددة والمتضامنة..

لن يعدم الرئيس السوداني مدافعين وغيارى، لكننا في الإعلام يجب أن ننحاز إلى من لا يجد أحداً يدافع عنه.

لعلها أمنيات..

diana@ asharqalawsat.com