عندك بقرتان

TT

هذا العنوان مفتاح لعشرات، ربما مئات، التعليقات السياسية والفكرية. بدأ كدرس أولي في علم الاقتصاد عن المقايضة والمبايعة. عندك بقرتان وعند جارك عشرون دجاجة. تقترح عليه إعطاءه بقرة واحدة مقابل عدد من الدجاجات. هذه هي المقايضة. ولكنكما لا تتفقان على عدد الدجاجات. تظهر الحاجة إلى المبايعة، ومن ثم استعمال النقود، بيعا وشراء.

من هذه الحدوثة الصغيرة نشأت هذه المقارنة بين الشيوعية والاشتراكية والرأسمالية. قالوا:

في ظل الشيوعية: عندك بقرتان. تأخذ الدولة كلتيهما وتوزع حليبهما على الجمهور.

في ظل الاشتراكية: عندك بقرتان. تأخذ الدولة واحدة منهما وتعطيها لمواطن آخر وتترك لك البقرة الأخرى.

في ظل الرأسمالية: عندك بقرتان. تتركك الدولة وشأنك. تبيع واحدة منهما وتشتري بثمنها ثورا.

من الواضح أن هذه المقارنة تحابي النظام الرأسمالي. ولا عجب. فالمقارنة نفسها من منتجات الرأسمالية. فمجرد امتلاكك لبقرتين يعني أنك تعيش في إطار النظام الرأسمالي.

ترتبت على هذه الحكاية الكلاسيكية «عندك بقرتان» شتى التعليقات كما قلت. كان منها ما كتبته في مناسبة سابقة في مقارنة البلدان العربية. وقد أوردت الإنسايكلوبيديا مجموعة غفيرة وطريفة أنتقي شيئا منها:

الرأسمالية الأمريكية: عندك بقرتان. تعطي واحدة منهما لعضو في الكونغرس. يحصل لك على إعفاء البقرة الثانية من الضريبة. تستعمل الكسب في شراء عشر بقرات. تعطي سبعا منها لعضو كونغرس آخر يحصل لك على احتكار تصدير الحليب للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط. تصبح مليونيرا تصفق له الصحافة الأمريكية كرجل عصامي.

الديمقراطية: عندك بقرتان. تحصل لهما على حق التصويت. تجري الانتخابات فتفوز البقر بالسلطة.

الدكتاتورية: عندك بقرتان. تستولي الدولة عليهما. تأمرك بالعناية بهما وإطعامهما. تبيعك ما تجود به البقرتان من حليب.

الأنثوية: عندك بقرتان. تعلنان الإضراب عن إعطاء الحليب لأن الجمهور لا يقوم بحلب الثيران أيضا.

الديمقراطية العراقية: عندك بقرتان. تأتيهما بالعلف فتتقاتلان عليه. تأتي لمصالحتهما فتقتلانك ثم تقتلان بعضهما بعضا. يأتي الأمريكان ويأخذون العلف.

الديمقراطية الإسرائيلية: عندك بقرتان. تتركهما وتفكر كيف تحصل على بقرات الجيران.

الديمقراطية الإيطالية: عندك بقرتان. زبالتهما تحيط بك ولكنك لا تدري أين هما.

الصناعة اليابانية: عندك بقرتان: تعيد تركيبهما بحيث تصغران إلى حجم قطتين تنتجان ضعف ما كانتا تنتجان من حليب. وتحبلان وتلدان بدون ثور.