إعادة النظر في صلاحيات الرئيس والكونغرس خلال الحروب

TT

يعد قرار الدخول في حرب أصعب القرارات التي تتخذها الدولة، وثمة غموض في طريقة توزيع الدستور لصلاحيات الحرب بين الرئيس (القائد الأعلى للقوات المسلحة) والكونغرس (الذي لديه حق إعلان الحرب). وكان الآباء المؤسسون يأملون أن يكون هناك تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولكن في الواقع نجد أنهما لا تتشاوران دائما. وعندما تقومان بذلك، يكون هناك الكثير من الجدل حول صلاحيات كل طرف.

وقد خلصت اللجنة القومية لصلاحيات الحرب، وهي لجنة تشمل أعضاء من كلا الحزبين، بعد عام من الدراسة إلى أنه يجب إصدار تشريع جديد بدلا من التشريع الحالي والمفترض أنه يحكم قرار خوض الحروب، والذي يعرف باسم «قرار صلاحيات الحرب 1973». وترى اللجنة أنه يجب أن ينص القانون الجديد على مشاورات بين الرئيس وقادة الكونغرس قبل الدخول في الحرب، ما عدا بالنسبة للحالات الطارئة. وقد أظهرت الاستقصاءات على مدى سبعين عاما أن معظم الأميركيين يتوقعون أن هناك محادثات بين الكونغرس والرئيس قبل البت في قرار بالحرب، وأنهم قد قاموا بذلك في معظم الحالات.

وقد مرر الكونغرس «قرار 1973» استجابة لحرب فيتنام، ولكننا نجد إما أنه غير مجد أو أنه غير دستوري، فلم يعترف أي رئيس بدستوريته، ولم يقم الكونغرس بالضغط من أجل مناقشة تلك القضية. ولم تصدر المحكمة العليا حكما يتعلق بمدى دستورية القرار. والواقع أن المحاكم تخجل من الإشارة إلى النزاعات الخاصة بصلاحيات السلطات خلال الحروب، خاصة بالنسبة للسلطتين التشريعية والتنفيذية.

وقد قال معظم خبراء القانون إن قرارا للمحكمة الدستورية عام 1983 يتعلق بسلطة الكونغرس بنقض قرار الرئيس، غير دستوري في بعض أجزائه. حيث يقول القرار إنه قد يطلب الكونغرس من الرئيس إعادة قوات من أماكن القتال عن طريق تمرير قرار متزامن. وهذا أمر غير دستوري، حيث ينص الدستور على أنه يجب رفع أي مشروع قانون للرئيس للتوقيع عليه أو الطعن فيه.

كما أن هناك بعض المشاكل الأخرى في «قرار 1973»، فهو يحدد بصورة محدودة للغاية الصلاحيات المكفولة للرئيس في أوقات الحرب، باستثناء الرد على الهجمات المفاجئة على الأميركيين في الخارج، كما يعطي للكونغرس حق وقف أي نزاع مسلح، ولم يحدد أعضاء الكونغرس الذين يجب على الرئيس استشارتهم قبل الدخول في الحرب.

ومن ثم، فقد تم تجاهل «قرار عام 1973» بصورة مستمرة، مما قوض »حكم القانون»، الذي يعد درة تاج الديمقراطية الأميركية.

وقد اقترح الكثيرون تعديل القرار الخاص بصلاحيات الحرب أو استبداله بتشريع جديد، ولكن لم تذهب مثل تلك القرارات بعيدا، ويرجع ذلك في معظمه إلى أنها كانت تنحاز بشكل كبير إما إلى الرئيس أو الكونغرس.

ولا يدعي القانون الذي نقترحه، والذي يحمل اسم «قانون مشاورات صلاحيات الحرب» أنه يحل القضايا الدستورية، حيث يمكن الوصول إلى ذلك عن طريق تعديل دستوري أو قرار من المحكمة العليا. ولكن سيصون القانون المقترح قدرة كل من الكونغرس والرئيس على التأكيد على صلاحيات كل منهما خلال الحروب. وقد ركزنا خلال إعداد القانون على فكرة مشتركة تقاسمتها كل المقترحات السابقة وهي أهمية وجود مشاورات بين الرئيس والكونغرس قبل أن تدخل البلد في الحرب.

وينص القانون المقترح على أنه يجب على الرئيس التشاور مع الكونغرس قبل أن يأمر بـ«نزاع مسلح هام» وهي عمليات القتال التي تستمر أو من المتوقع أن تستمر أكثر من أسبوع. ويحدد القانون المقترح أنواع الاعتداءات التي لن ينظر إليها على أنها «نزاعات مسلحة هامة»، مثل المناورات العسكرية والعمليات السرية أو المهام التي تهدف إلى حماية أو إنقاذ الأميركيين في الخارج. وإذا حالت دواعي السرية أو غيرها من الظروف دون إجراء المشاورات قبل تنفيذ تلك العمليات، يجب إجراء المشاورات ـ وليس الإخطار ـ خلال ثلاثة أيام.

ولضمان أن الرئيس سيجري مشاورات مع قطاعات مختلفة من الكونغرس، ينص القانون على تشكيل لجنة من الكونغرس تتكون من قادة مجلس النواب ومجلس الشيوخ مع رئيسي الغرفتين والأعضاء البارزين في اللجان الرئيسية. وهؤلاء هم الأعضاء الذين سيجب على الرئيس مشاورتهم شخصيا. وعلى نفس القدر من الأهمية، ينص القانون المقترح على فريق دائم يضم أفرادا من كلا الحزبين يسمح له بالاطلاع على المعلومات الاستخباراتية ذات الصلة وتلك المرتبطة بالأمن القومي.

كما ستكون هناك التزامات على الكونغرس. فإذا لم يكن الكونغرس هو من أعلن الحرب أو رخص بالحرب بصورة واضحة، فإن عليه أن يجري تصويتا خلال 30 يوما على قرار موافقة على تلك الحرب. وإذا لم يتم التصويت بالموافقة، فإن أي عضو بالكونغرس يمكنه اقتراح قرار برفض تلك الحرب. وسيكون لهذا القرار قوة القانون إذا تمت الموافقة عليه في الغرفتين البرلمانيتين ووقع عليه الرئيس أو تم رفض فيتو الرئيس. وإذا استخدم الرئيس حق الفيتو ضد قرار الرفض، حينئذ يمكن للكونغرس أن يبدي معارضته عن طريق استخدام القواعد الداخلية لمنع أي نفقات مستقبلية على النزاع.

ونحن نعتقد أن القانون المقترح جيد بالنسبة لمؤسسة الرئاسة لأنه سوف يضع نهاية لقانون تعامل معه كل الرؤساء منذ ريتشارد نيكسون على أنه غير دستوري، في الوقت الذي يعطي الرئيس منفعة سياسية عن طريق إجبار الكونغرس على أن يكون له موقف تجاه الدخول في الحرب. وسيتحقق ذلك دون الإصرار على أن يحصل الرئيس على موافقة الكونغرس.

كما أن هذا القانون جيد بالنسبة للكونغرس، فسيكون للسلطة التشريعية دور أكبر في قرار الحرب. وبدلا من التصديق على موقف استبدادي، فإن القانون المقترح يتيح للكونغرس الاطلاع على المعلومات الاستخباراتية، وينص على تشكيل فريق يعمل طوال الوقت على دراسة قضايا الأمن القومي، بالإضافة إلى آلية محددة بصورة جيدة للتشاور والتصويت على النزاعات المسلحة الهامة. وفي النهاية، فإن هذا القانون سيكون جيدا بالنسبة لوطننا لأنه سيعزز من مستقبل التعاون بين الكونغرس والرئيس، وسيضمن حصول الرئيس على نصائح مستقلة من الكونغرس وسيتيح للمواطنين محاسبة الكونغرس على دوره في تلك العملية. وبالنسبة للحرب، فإن الأميركيين يستحقون أكثر من قانون غير مجد، ودائما ما يتم تجاهله. يستحق الأميركيون قانونا يشجع رؤساء المستقبل وأعضاء الكونغرس على العمل سويا لحماية وطننا.

*جيمس بيكر: وزير الخارجية الأميركي الأسبق (1989ـ 1992).

وارين كريستوفر: وزير الخارجية الأميركي الأسبق (1993ـ1997).

وهما الرئيسان المشاركان للجنة القومية لسلطات الحرب.

خدمة «نيويورك تايمز»