ذر الرماد في العيون

TT

لن تنفع لقاءات عرفات مع ابن شارون، ولا مع شمعون بيريز وزير خارجية اسرائيل سوى في تحسين صورة اسرائيل امام المجتمع الدولي واظهارها كدولة مرنة تمد جسورها مع الفلسطينيين.

اسرائيل تهدم المنازل وتصادر الاراضي وتقيم المستعمرات وتقصف الاحياء السكنية بالصواريخ، ثم يبعث شارون بابنه الى رام الله للالتقاء بعرفات، ويبعث وزير خارجيته الى القاهرة للقاء عرفات ويحاول عبر هذه الاتصالات ان يغطي على جرائمه على الارض، وتحويل الانظار من معركة حقيقية محتدمة حول الارض والسلام والمستعمرات والحقوق الى ذر الرماد في عيون الرأي العام العالمي وتحسين صورته القبيحة.

لماذا يوافق عرفات على مثل هذه اللقاءات؟ وما هي المصلحة الوطنية الفلسطينية في ذلك؟ ولماذا يصر شارون على عدم اللقاء بأي مسؤول فلسطيني الا بعد وقف العنف، على حد تعبيره، بينما يوافق عرفات على لقاء ابن شارون الذي لا يمثل اية قيمة سياسية، او لقاء بيريز الذي يصر على انه ليس لديه جديد غير شروط شارون.

المؤسف في هذه اللقاءات ان بعض المسؤولين الفلسطينيين يتطوع بالتصريحات المتفائلة عن هذه اللقاءات، ويعطيها اكبر من حجمها، فتلتقط وسائل الاعلام الاسرائيلية مثل هذا الكلام وتروجه باعتبار ان العلاقات مع الفلسطينيين لم تنقطع، واحيانا لتذهب بعيدا بالقول ان عملية السلام ما زالت قائمة.

عرفات يقود شعبه منذ اربعين سنة وهو بالتالي يمثل ثقلا فلسطينيا على المستوى الدولي، ومع ذلك يستمر في لقاءات ابن السيد شارون وهي لقاءات غير متكافئة، وفيها اضعاف لموقف السيد عرفات نفسه امام شعبه وامام اعدائه.

السيد بيريز يعلم الجميع انه يمثل ديكورا للسلام في مجلس الوزراء الاسرائيلي الحالي الذي يقوده المتطرفون، وانه «لا يهش ولا ينش» كما يقول العرب، وانه امام طريقين لا بد من مواجهتهما وبسرعة، فاما تبني الطرح المتطرف نفسه للسيد شارون وبكل تفاصيله، او اعلان الطلاق معه واستقالته من منصبه، ومن هنا فليس هناك من داع للتهافت على لقائه، والاعتقاد بأن لديه جديدا.

يحتاج الفلسطينيون الى الرزانة في التحرك السياسي، فالخفة السياسية هي خطر كبير في ظروف خطرة وتاريخية.