هل ستفلح أساليب روف مع ماكين؟

TT

لم يدَّعِ آل غور في يوم من الأيام أنه اخترع الإنترنت، ولم يعلُ صراخ هوارد دين، ولم تقل هيلاري كلينتون إنها ستظل في السباق لأنه من المحتمل أن يتم اغتيال باراك أوباما، ولم يطعن ويسلي كلارك في خدمة جون ماكين العسكرية.

اختار سكوت ماكليلان، السكرتير الصحافي السابق بالبيت الأبيض، عنوان «ماذا حدث؟» لمذكراته الجامعة. وأجد الآن أن من الواجب أن نضع كتاباً بعنوان «ماذا لم يحدث؟» لتقرير حقيقي حول السياسة الأميركية المعاصرة. ومرة بعد أخرى، يحتدم اللغط الإعلامي حول أشياء مفترضة لم تحدث بالفعل. ما قاله الجنرال كلارك تعليقا على خدمة ماكين العسكرية هو أنها على الرغم من كونها بطولية، فهي لا تؤهله بالضرورة لمنصب الرئيس. كان تصريحا فظا، ولكنه كان صادقا. لم يكن تصريحا خياليا، خاصة أن كلارك نفسه بطل حرب عتيد. ولكن هذا التصريح الذي قاله كلارك يكشف عن أمر مهم، لا علاقة له بكلارك نفسه، بل هو مرتبط بماكين. الآن، نحن نعرف ما الذي يمكن أن تمثله أية إدارة تحت قيادة ماكين: إنها ستكون بمثابة مدة ثالثة لكارل روف، النائب السابق لمدير مكتب الرئيس جورج بوش.

كان متوقعاً السعار الذي أصاب حملة ماكين للانتخابات الرئاسية بسبب تصريحات كلارك، فسعي ماكين لدخول البيت الأبيض يعتمد بالأساس على شخصيته، وليس على سياسات محددة، فليست لديه أفكار يتفق عليها الناخبون، وليس لديه تاريخ ملهم. والإيحاء بأن تاريخه لا علاقة له بسعيه للفوز بمنصب الرئيس سيثير بلا شك ردود فعل عنيفة. ولكن، لم تكتف حملة ماكين باستنكار تصريحات كلارك، بل حادت الحملة عن الطريق في محاولة لتشويه تلك التصريحات. قال الكولونيل المتقاعد بود داي، الذي شارك في مؤتمر هاتفي نظمته الحملة: «تلك الزلة غير اللطيفة التي قيلت في حق ماكين والقول إنه محارب غير جدير بالثقة لأن طائرته أسقطت، يعد أغرب الإهانات التي أسمعها في تاريخي العسكري». في الواقع، لم يقل كلارك ذلك. المثير للسخرية، هو أن داي نفسه ارتكب ما اتهم زورا كلارك بالقيام به، فقد ظهر في إعلانٍ عام 2004 يطعن في خدمة جون كيري العسكرية.

تدل رغبة حملة ماكين في اتباع تلك الأساليب، على أن الحملة قررت تطبيق نفس النهج الذي استخدمه روف بنجاح عامي 2002 و2004 (ولكنه لم يكن بنفس القدر من الفعالية عام 2006)، عن طريق وصف الديمقراطيين بعدم الوطنية. وسجل آدم ناجورني من «نيويورك تايمز» أمارات على التأثير المتزايد لقدامى المحاربين من نوعية روف على حملة ماكين. ولكن السؤال هو: هل ستفلح أساليب روف هذا العام؟

في عامي 2002 و2004، كان الجمهوريون ناجحين تماماً في اللعب بورقة الوطنية بسبب إذعان الإعلام في ذلك الوقت وخوف الديمقراطيين. في البداية، دلل تصرف كلارك على عدم تغير أي شيء. فقد أوردت المؤسسات الإخبارية حقيقة التأكيد الزائف على أن كلارك انتقد خدمة ماكين العسكرية، وسارعت حملة أوباما بـ«رفض» تصريحاته.

وقالت مجلة «كولومبيا جورناليزم رفيو»: «بعد يومين من سقطة كلارك، يبدو أن الصحف والحزب الجمهوري وحملة أوباما قد اتفقوا على أن التصريحات الأخيرة لكلارك حول تاريخ الخدمة العسكرية لماكين كانت في أحسن الأحوال خرقاءَ وفي أسوأ الظروف حقيرة». ومنذ ذلك الوقت، يبدو أن الصحف وحملة أوباما قد استعادت بعضاً من اتزانها، فقد بدأت تظهر بعض مقالات الرأي التي تشير إلى أن كلارك لم يقل ما اتهم بقوله، كما أعلن أوباما أن كلارك لا يدين بالاعتذار لماكين بسبب تصريحاته، ونفى أن يكون قد استنكر بنفسه تلك التصريحات، وكان ذلك في كلمة لأوباما يوم الاثنين. وفي النهاية، قد تكون تصريحات كلارك قد عززت من حملة أوباما للفوز بمنصب الرئيس، فالأسبوع الماضي، كان تظهر على أوباما علامات مقلقة تشير إلى سقوطه في المأزق الديمقراطي المعتاد المرتبط بالأمن القومي. ورغم ذلك، فقد يكون هذا هو الأسبوع الذي تذكر فيه أوباما قيمة التصرف بثقة عالية. أضف إلى ذلك، فإنه على الرغم من صعوبة إثبات ذلك، فإن الصحافة تشعر بالخجل بعض الشيء بسبب الطريقة التي تعاملت بها مع كلارك.

وإذا كان الأمر كذلك، فإن الحملة الرئاسية عمدت إلى منعطف مهم لصالح أوباما. وإذا لم تكن هذه الحملة قد سيطر عليها الكثير من الفضائح الزائفة، لانشغلت بصورة أكبر بأمور حدثت بالفعل، مثل فشل السياسة الاقتصادية والحرب الكارثية، التي يتعهد ماكين بالاستمرار فيها حال فوزه.

* خدمة «نيويورك تايمز»