صفران في الانتظار

TT

لا أدري كم هو عدد أولئك الذين توقفوا مساء الاثنين الماضي أمام قول الرئيس الايراني بأنه «من المحتمل في مستقبل قريب ان تكون هناك محادثات مع الولايات المتحدة حول مواضيع مختلفة». بالنسبة اليّ، أخطأت ولم اتوقف. مع أن هذا احمدي نجاد يتحدث عن «الولايات المتحدة» وليس عن الشيطان الاكبر او القوة الوشيكة الزوال او النمر الورقي المهزوم.

المستحيل صار محتملا. وغداً السبت يجلس الرجل الثالث في الخارجية الاميركية، وليم بيرنز، الى جانب المفوض السياسي الاوروبي خافيير سولانا، للإصغاء الى المفاوض الايراني سعيد جليلي، يقدم الرد الايراني على عرض اوروبا الاخير في شأن المشروع النووي.

لقد أقنعت اوروبا الولايات المتحدة بالجلوس الى جانبها، لكننا لا نعرف من أقنع ايران بالجلوس مع اميركا. وطبعا لا نعرف بعد ما هو الرد الايراني وما إذا كانت ايران ستوقف التخصيب أم أنها ذاهبة الى لقاء سويسرا لتطلب من الغرب (ومعه روسيا والصين) أن يبلط البحر. تدرك ايران، مثل سواها، أنها قادرة على المغامرة في مواجهة عالم محكوم بالحسابات. فلا اميركا ولا اوروبا ولا بنغلاديش قادرة على احتمال المزيد من الارتفاع في أسعار النفط. والأزمة المالية في الاسواق العالمية تهدد بانهيار آخر. ولم يبق أمام جورج بوش في البيت الابيض سوى ستة اشهر، فإلى من سوف يجير رصيدها: الى جون ماكين المستضعف، أم الى براك اوباما الذي وعد بـ«التفاوض» مع ايران.

فالاوروبيون لا يريدون حربا على أبوابهم ويفضلون سياسة العقوبات. أما جورج بوش فقد ترك جميع الاحتمالات مفتوحة وحشد الاساطيل كأنه سيضرب غداً. وأبقيت مفتوحة ايضا إمكانية ان تتولى اسرائيل القيام بالضربة بمساندة اميركية. ولعل الدخان الذي سيصعد من لقاء سويسرا غداً سوف ينبئ باتجاه الريح في أخطر مواجهة تقلق المنطقة ـ والعالم ـ منذ بداية الصراع العربي ـ الاسرائيلي.

هذه أول مرة تكون فيها «القوة النووية» هي موضوع الصراع والمواجهة في سياسات الشرق الأوسط.

فالقوة النووية العراقية ضربت في مرحلة الإنشاء، وعندما ضربت اميركا العراق بذريعة الاسلحة النووية والرؤوس المكدسة لم تحصل حتى على المسدسات في مخبأ صدام حسين. أما عنوان الصراع الآن فليس سرا، وإن يكن السر الكبير هو المرحلة التي قطعتها ايران في عملية التخصيب او حتى في عملية بناء سلاح ذري. ومنذ أشهر وايران تعرض قوتها الصاروخية غير الذرية وتؤكد أنها تطال اسرائيل واوروبا، ودعك من القواعد الاميركية في العالم العربي. كيف يبدأ العد العكسي في لقاء السبت؟ نحو الصفر البارد او نحو الصفر الحار؟