وكان الوزير منبطحاً على الأرض

TT

هذه العبارة غير صحيحة: لا يوجد عندي وقت! هناك وقت لعمل أي شيء في الدنيا.. لأن تأكل وتشرب وتنام وتفرفش وتستريح من كل ذلك.. ولأننا اخترنا السرعة في الحركة وفي الكلام أصبحنا نسرع في الأكل وفي القراءة وفي القرار أيضاً!

والإنسانية لم تحقق السرعة في الانتقال بين جوانب الأرض وبين الكواكب إلا ببطء شديد!

فنحن لم نخترع السيارة بدلاً من العربة والعربة بدلاً من المشي على القدمين، في يوم وليلة ولا في سنة ولا في قرن، وإنما أمضينا وقتاً طويلاً لكي نحقق السرعة.. وأنت عندما تضغط على زرار فتضيء الغرفة هذه العملية استغرقت ثانية.. ولكن العلماء اكتشفوا الكهرباء والمصباح الكهربي في مئات السنين من المحاولات والفشل والنجاح المؤقت ثم النجاح حتى وصلنا إلى هذه السرعة.. وعندما سئل الزعيم البريطاني تشرشل كيف يمارس الرسم رغم الهموم السياسية التفت تشرشل إلى من يسأله عن بداية هذه الهواية قال: إنها تنبع من حكمة شعبية صينية قديمة وهي أن هناك وقتاً لكل ما نريد!

لأن تعمل ولأن تستريح قصيراً أو طويلاً..

وقد رأيت في الطائرة إلى اليابان أن عدداً من الركاب يقومون بتدليك بعضهم بعضاً، ولم يلتفت إلى هذه الممارسة إلا الأجانب.

وأذكر أنني زرت وزير خارجية كوريا الجنوبية في سول وقد ذهبت قبل الموعد بدقائق فجاءت السكرتيرة وطلبت مني أن أنتظر لحظات ثم عادت وقالت: إن الوزير ينتظرني ودخلت المكتب ولم أجد الوزير على مقعده وإنما كان منبطحاً على الأرض وكان السكرتير يقوم بتدليكه.. ظهراً وصدراً وعنقاً وساقين. ولم يفسر لي الوزير هذا الذي رأيت فهو شيء طبيعي أن يغمض الآسيويون عيونهم ويستسلموا بعض الوقت، راحة من ساعات العمل..

وقال لي الوزير: في استطاعتك أن تتخيل من يقوم بتدليكك.. صدقني سوف يكون له نفس الأثر.. فهناك وقت دائماً!