الملك الذي أشاد جسرا للتواصل

TT

لا أحد يجادل اليوم بأن الملك عبد الله بن عبد العزيز هو بطل السلام العالمي الحقيقي، فلقد آثر هذا الملك الشجاع أن يشيد جسرا للتواصل بين بني البشر في مواجهة دعاة القطيعة، ولم تكن كلماته الصادقة في افتتاح المؤتمر إلا ترجمة لحالة الثراء الإنساني في دواخله، وهو يقول: «علينا أن نعلن للعالم أن الاختلاف لا ينبغي أن يؤدي إلى النزاع والصراع»، وأن المآسي التي عانت منها البشرية ليست بسبب الأديان، ولكن بسبب التطرف الذي ابتلي به بعض أتباع الأديان السماوية والعقائد السياسية.

فدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله لحوار أتباع الأديان هي أهم حدث يستحق أن تثمنه البشرية التي تعاني من انتشار الكراهية والتطرف والعنف نتيجة استغلال البعض للدين لنشر البغضاء والفرقة والشتات بين بني البشر، فالتقاء هذه النخبة من القيادات الدينية والفكرية العالمية ستعمق الفهم المتبادل بين جميع الأطراف التي ظلت تعاني طويلا من التعميمات غير الناضجة التي تحملها عن الآخر.. ونجاح هذه الدعوة الرائدة يكمن في واقعيتها، فهي لم تطمح لإلغاء الفوارق بين الأديان، أو توحيدها، ولكنها اهتمت باستثمار المشترك الإنساني لإزالة الحواجز النفسية بين سكان هذا العالم، وتعميق الفهم المشترك بينهم، فمستقبل هذا الكوكب مرهون بإدراك الجميع لأهمية العيش المشترك.. وحوار أتباع الديانات في مدريد وجها لوجه ينزع من المتطرفين مبرراتهم العدائية، ودعواتهم للقطيعة، ومحاولات إلغاء وجود الآخر، فلقد أثمر هذا المنحى الإنساني في فكر ووجدان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هذه الدعوة الواعية غير المسبوقة على المستوى العالمي.

ولعل العالم يتطلع اليوم إلى أن يكون هذا الحوار فاتحة خير لإزالة الاحتقان بين أتباع الديانات للوصول إلى عالم يسوده الاعتدال والتفاهم والسلام بدلا من البعد والقطيعة والشتات.. وقد كان السائح الغربي الذي التقيت به في أحد فنادق القاهرة بالأمس على حق، حينما قال: «إن بين جوانح هذا الملك الإنساني العظيم حبا يتسع لكل العالم»، معتبرا أن مثل هذه الدعوة لا تصدر إلا من رجل استثنائي سيكون له موقعه البارز في قائمة صناع السلام العالميين.

[email protected]