اتفاق التهدئة مع العدو الإسرائيلي.. سياسة خاطئة

TT

من حيث المبدأ فإننا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نرى أن التهدئة التي تأتي بالاتفاق مع العدو الاسرائيلي هي سياسة خاطئة طالما يصر على استمرار احتلاله، واستمرار عدوانه على شعبنا بكل أشكال العدوان من قتل واعتقال واجتياح للمدن والقرى الفلسطينية ومصادرة الارض وتوسيع الاستيطان والمستوطنات، والاستمرار في بناء جدار الفصل والضم العنصري، لأن مثل هذه التهدئة تريح الاحتلال وترسخ معادلة تهدئة مقابل تهدئة، وأمن مقابل أمن، وهذا لا يجوز لقوة مقاومة أن تقبل به لأنه يساوي بين الاحتلال ومقاومته ويحوّل المقاومة الى «فعل خارج عن الاتفاق» بما يجعل زمام المبادرة بيد المحتل، ويفقد المقاومة «شرعيتها» برضى أهلها ويضعها في مواقع المتهم، وهو ما ينبغي على المقاومة أن تتجنبه، فلا يمكن أن تكون التهدئة بالاتفاق مقبولة إلا في إطار اتفاق شامل ينتهي بزوال الاحتلال، وهذا الموقف المبدئي لا يعني بالنسبة لنا رفضا لفكرة «استراحة المحارب أو التقاط الأنفاس» التي كان يتذرع بها أصحاب التهدئة في السابق، أو «تخفيف معاناة شعبنا وتخفيف أو رفع الحصار عنه» التي يتذرع بها أصحاب التهدئة الحالية.. فهذه «تهدئة» يمكن الاتفاق عليها في الاطار الوطني الفلسطيني، ويمكن أن تعلن لشعبنا وللعالم أجمع من قبلنا بدون اتفاق مع العدو، وبهذا نضع العدو بدون ذرائع أمام العالم كله ونبقي زمام المبادرة بأيدينا للرد على كل أشكال العدوان وفي المبادرة بالمقاومة.

هذا هو موقف الجبهة الذي طرحته مع الجميع في كل مرة طرحت فيها مسألة التهدئة، بما في ذلك التهدئة التي أعلنت من القاهرة في آذار ـ مارس 2005، وقد أعلنت الجبهة تحفظها من القاهرة يومها.

ولكن الجبهة في كل مرة كانت تؤكد انها لن تسمح بتحويل التهدئة إلى عنوان للصراع الفلسطيني أو لتأزيم العلاقات الفلسطينية، وهو ما يسعى اليه العدو دائما، وسنترك للحياة والوقائع الملموسة سواء باستمرار العدوان الاسرائيلي بأشكاله المختلفة، أو بإقدام العدو على نقض الاتفاق عندما يستنفد أغراضه منه أو بالمراجعة الوطنية المشتركة للمسألة. وبصدد الاتفاق الأخير فقد حددت الجبهة موقفها بما يلي:

1 ـ تخطئة التهدئة كسياسة وفقا لما تقدم.

2 ـ في هذه الفترة التي تعاني منها الساحة الفلسطينية من الانقسام والصراع الحاد، فإن المقاربة السليمة للوضع الفلسطيني تكون عبر معالجة الانقسام واستعادة الوحدة، فالانقسام يمكن أن يشكل دافعاً لضرب أية اتفاقات من هذا النوع، ويمكن أن يزيد من حدة التناقضات الفلسطينية فتتحول التهدئة إلى مشروع للصراع أو تجديد وتوسيع الاقتتال الداخلي وهذا ما تحدثنا به صراحة مع الأشقاء في مصر.

3 ـ في التفاصيل، فإننا نعتقد أن فصل الضفة عن غزة واستثناءها من هذا الاتفاق، يطلق اليد الإسرائيلية في الضفة، ويكرس فكرة وسياسة الفصل بين الضفة والقطاع، ومن يقل برد أهل الضفة على الاعتداءات الاسرائيلية هناك يدرك قبل غيره أن هذه ذريعة لا تصمد أمام الواقع والممارسة الفعلية.

4 ـ في الآليات ومناهج العمل، فمن الخطأ أن تعقد حركة حماس اتفاقاً منفرداً عبر الأشقاء في مصر، ثم تطلب منهم تسويقه مع باقي فصائل المقاومة والعمل الوطني الفلسطيني، فمن شأن هذا المنهج أن يضعفها ويضعف الآخرين.

5 ـ إن اتفاق التهدئة الذي أبرمته حماس يجعل القطاع وأهله تحت رحمة الاحتلال وتقييمه لمدى «انضباط الجميع» لهذه التهدئة، وإلا فمعاودة الحصار وغيره، الذي يأتي عندها باتفاق وتغطية فلسطينية، ونصبح نحن الملومين من العرب والعالم، فقد خرقنا الاتفاقات التي بذل الأشقاء كل هذا الجهد لإنجاحها.

ومع كل هذه التحفظات التي أبلغت للأخوة في حركة حماس وللأشقاء في مصر فقد أبلغنا الجميع، وأعلنا أننا لن نكون البادئين بنقض الاتفاق الذي أبرمته حركة حماس، مع احتفاظنا بحقنا في الرد على أي اعتداء إسرائيلي، وتمسكنا بحق شعبنا في مقاومة الاحتلال باعتباره واجباً وحقاً مكفولاً بكل الأعراف والقوانين الإنسانية والدولية، وسنعمل ما أمكننا ذلك من أجل أن يكون الرد على العدوان ومقاومة الاحتلال في إطار من التوافق الوطني العام.

* عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين