هل ينجو من المحاكمة؟

TT

هذا موسم المحاكمات، فبعد اقصاء رئيس إسرائيل بتهمة التحرش الجنسي، الدور على رئيس الوزراء إيهود أولمرت بتهم الفساد. ومع ان أولمرت سعى لإيقاف التحقيق وحاول استخدام حزبه وأطلق تهما متعددة بأنها دعوى كيدية من خصومه، رضخ للتحقيق وصار الإسرائيليون يستمتعون بقراءة تفاصيل إفادات الشاهد الرئيسي ضده، رجل أعمال يهودي أميركي اسمه موريس طالينسكي.

وكان طالينسكي هذا يدفع لأولمرت منذ نحو عشرين عاما، ويدعي أن اولمرت لا يتردد حتى في تحميله تكاليف غسيل ملابسه. وعندما سأله المحققون الإسرائيليون عن مبررات كرمه لسنين طويلة، ادعى طالينسكي انه كان يتوقع ان يكون أولمرت رئيسا للوزراء، اي انه يستثمر فيه، والسبب الآخر ان اولمرت يدعم بناء المستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

لا أظن أن أحدا كان يتخيل ان أولمرت يمكن أن يكون رئيسا للوزراء، ولا اعتقد حتى أمه نفسها. فأولمرت رجل محظوظ عندما انفصل اريل شارون عن حزب الليكود وأسس حزبا سماه اكاديما، ولم يجد حوله سوى اولمرت وامثاله فاختاره نائبا له، ولم يدر بخلد احد ان شارون سيصاب بجلطة دماغيه، ويخلفه تلقائيا اولمرت الذي ما كان له حظ بذلك، وهو الآتي من خلفية مدنية بخلاف كل قادة اسرائيل الذين بدأوا عسكرا.

ولا يهم أحد غير الاسرائيليين محاكمات مسؤوليها التي لا تنقطع بتهم مختلفة، معظمها قضايا فساد، لولا أن أولمرت هو رئيس الوزراء اليوم، وهو الذي يفاوض السلطة الفلسطينية ولو نجح سيكون اكبر واهم سلام في المنطقة، ويفاوض اليوم ايضا سورية، وهي الطرف الأصعب الذي لو نجح سيغير خارطة المنطقة، لا إسرائيليا فقط بل اقليميا. وبالتالي هي محكمة رجل يجلس على أهم كرسي في أهم وقت.

الانطباع الاولي ان رجل الاعمال يريد من اولمرت ان يسدد فواتيره القديمة، بما فيها فواتير غسيل الملابس، إلا ان اولمرت لم يعد بحاجة اليه يوم صار رئيسا للوزراء، وهكذا تدحرجت كرة الثلج، وقد يفقد اولمرت كرسي رئاسة الوزراء، وتتوقف مفاوضات ابو مازن، ومفاوضات سورية، ونعود من جديد مع شخص جديد في نفس المنصب القديم.

وحتى الراغبون في ان ينجح التفاوض على المسارين، لا يراهنون كثيرا على اولمرت، ليس بسبب تهم الفساد المحتملة، أو ضعف شخصيته أو سوء ادارته، او تدني شعبيته بين مواطنيه، بل بكل بساطة لانه جاء في اضعف الأوقات. فالجميع في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة ومن سيدخل البيت الأبيض. فإن نجا اولمرت من عاصفة طالينسكي ونجح في الإمساك بكرسي رئاسة الوزراء فهذا حظ مضاعف، لأنه حتى اكثر الساسة الاسرائيليين خبرة وشعبية عادة يهربون قبل حكم المحكمة.

[email protected]