مهرجان السينما الإيرانية..!

TT

لا علاقة لعنوان المقال بأي مناسبة تنعقد في إيران تبحث في شؤون السينما والفن السابع، ولكن قراءة في استخدام السينما في إيران مؤخرا كأداة ووسيلة سياسية. والمقصود تحديدا هنا هو الاعلان عن فيلم «إعدام فرعون» والذي يتعلق بنهاية حياة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، واغتياله في ظروف شديدة العنف. وخرج الفيلم بمباركة رسمية واضحة، فإيران بلد «بوليسي، استخباراتي» بامتياز لا يحدث فيه أي شيء تقريبا دون موافقة أو اعتراض الجهات الأمنية عليه، وبالتالي فرضية أن الفيلم هو انتاج خاص لا يخضع للرقابة والسلطة الرسمية هو هراء غير مقبول، لأن أي فيلم (أو أي عمل إبداعي ينتج) لا بد أن يحظى بالإفساح الرسمي عبر القنوات المعروفة في الدوائر الحكومية هناك. وإصرار إيران على الاستمرار في رفع سقف العداء مع مصر أمر مريب حقا. فهي بعد أن مجدت لسنوات طويلة للمجرم خالد الاسلامبولي، قاتل أنور السادات، ووضعها لجدارية كبرى على مبنى ضخم بالعاصمة طهران لصورته، وكذلك تسمية شارع رئيسي باسمه وهو العمل الذي أساء بشكل كبير للعلاقة بين البلدين، وكان الموقف الإيراني فيه لا يمكن أن يفسر سوى أنه موقف مكابر وأرعن.

واليوم من جديد تقوم إيران بحركة استفزازية جديدة في حق رئيس دولة عربية كبرى تتهمه من خلال الفيلم بتهم بشعة كالخيانة والعمالة واستحقاقه لجزاء النهاية الدموية التي لقيها، وفي ذلك شماتة وتشف رخيص جدا. وهناك أصوات كثيرة في مصر الآن تطلب الرد وفورا بعمل سينمائي ناقد وحاد لسيرة الخميني زعيم الثورة الايرانية، وهذه الأصوات تقول إن المادة الخاصة بالخميني قابلة أن تجعل من الفيلم مادة دسمة لأن الخميني وسجله الدموي داخل وخارج إيران كفيل بأن يقدم للمشاهدين أمثلة عن الحكم الدموي والبشع. فالثورة بدأت أولا بالتهام أنصارها من بازركان الى قطب زاده الى بني صدر وغيرهم، وعادت المنطقة المحيطة بها كلها بدون استثناء، وطبعا لم يكن تصريح الخميني الشهير بأنه مجبر على توقيف القتال مع العراق «كمن يتجرع كأس السم» إلا تأكيد على الروح الدموية التي كانت تسود هذه الحقبة. إيران يجب أن تدرك تماما أن المثل الشهير الذي يقول من يضرب الناس بالحجارة لا يجب أن يقوم بعمل هذا إذا كان بيته من زجاج، فما بالك إذا كان لا يوجد زجاج على البيت أصلا فحتما ستكون الحجارة الآتية مؤذية ومؤلمة جدا. استمرار التصرفات «الصغيرة» داخل صناعة القرار السياسي الايراني يظهر وجها قبيحا لحضارة كبيرة، وعلى الحكماء فيها أن يدركوا أن الخسائر المتراكمة نتاج ذلك ستتحول الى فاتورة باهظة التكلفة لن تقدر على سدادها الأجيال القادمة.

[email protected]